يبدو كسؤال العاجز “متى يتوّحد سنة العراق وشيعته ضد طغمة سياسية فاسدة، فقدوا معها حاضراً، ومستقبلاً يحلمون به، ويستحقون؟”، لا التأريخ يحمل لنا بشائر، ولا أنظمة حكم، وأحزاب طائفية أستثمرت في المقدس، ألهت الناس، وشغلتهم عن مشاكلهم اليومية الحقيقية، وجعلت منهم اداة لصراع سياسي بلبوس مذهبي، تنوير الناس هنا صعب، إن لم يكن مستحيلاً، الجميع متمترس، لا تخلو نقاشاتهم من الغمز بالدليلين العقلي، والنقلي لأحداث تأريخية تثبت أحقية مذهب دون آخر، وسُباب مُتبادل، وتكفير، لكن؛ هل يُمكن إيجاد مشتركات، مع إحتفاظ كل منا بهويته الفرعية، دون خوف الإنصهار، أو الإلغاء؟
يروي إبن تغري بردي “سنة ٢٤٢ هـ، كان من العجائب، إنه وقع صلح بين أهل السنة والرافضة، وصارت كلمتهم واحدة، وسبب ذلك أن أبا محمد النسوي وليِّ شرطة بغداد وكان فتاكاً، فأتفقوا على أنه متى رحل لهم قتلوه، وأجتمعوا وتحالفوا، وأذن بباب البصرة بحي على خير العمل، وقُريء في الكرخ فضائل الصحابة، فأن الفتنة كانت قائمة، والدماء تُسكب، والملوك والخلفاء يعجزون عن ردّهم، حتى وليَّ هذا الشرطة، فعدَ ذلك من العجائب”، وان جاء في كتابه على صراعهما الدموي وهذا لايخفى على أحد، أصطف فيها العامة خلف حاكم فاسق، أُعتبر ناصراً لمذهب، ومؤيد، وربطت مصيرها به. كان يمكن معالجة ممارسات التمييز الطائفي الذي مورس مؤسساتياً في العراق الحديث منذ التأسيس الأول ١٩٢١، وإنصاف المهمشبن دون إساءة وأحقاد، لكن سلطات، واحزاب ما بعد تغيير ٢٠٠٣، شيعية، وسنية، أساءت؛ الأولى بروح إنتقام، والثانية خوف، ورعب، وكلاهما أستهواه صراع المغانم، والإثراء الفاحش على حساب مواطنيه، لا تلك أستطاعت إنتشال مدنها من الإهمال، والناس من الجهل المتعمد الذي عمدت إليه أنظمة حكم سابقة، إن لم تعمقه، ولا هذه، جنبت بخطابها المتشنج مناطقها ويلات الإرهاب، مطمئنة، واثقة من إعادة إنتخابها، خيارات الناس قليلة، لا بديل أمامهم سوى حفنة سُراق، والمراهنة على وعي الناس حلم، والحادثة التي أوردها أبو المحاسن جمال الدين في نجومه الزاهرة ضرب من المثالية والخيال. هل نفقد الأمل؟لا، هناك مراهنات كبيرة، وبصيص أمل في بحر اليأس هذا، لابد للجموع أن تعي، وتدرك، هناك من يستخدمها، يعبث بمصيرها، ومستقبلها رهينة نزواته، العراقيون يستحقون حياة أفضل، خدمات تليق بهم، مدارس، وتعليم نموذجيان، ومياه شفة صالحة، عليهم إدراك مخاطر صراعهم الديني الساذج، كشف المنتفعين من حروب المقدس بإنتظار ولادة إحدى عجائبهم.