فترة قصيرة تفصل الطلبة عن التقديم الى الجامعات في مختلف ارجاء البلاد، واعلنت وزارة التعليم العالي انها تعتمد على خطط تستند الى مراعاة معدلات الطلبة ورغباتهم في القبول، وان هناك امكانية استيعاب جيدة في الكليات وان التنافس سيكون وفقاً للمعيار الاساس وهو معدل الدرجات وسيعلن عن اسماء المقبولين بعد تسلم نتائج الدور الثاني للسادس الاعدادي. هذه مبادئ وأسس درجت عليها الوزارة في السابق والحاضر ليس من جديد فيها سوى اننا ننتظر من الوزارة الاعلان عن الاعداد المطلوبة لملء التخصصات المختلفة.
وهنا تكمن المشكلة كل عام لا ندري هذا العام سيكون كبقية الاعوام الاخرى ام ان وزارة التعليم العالي حصلت على احصاءات دقيقة ومضبوطة من وزارة التخطيط عن احتياجات البلد من كل تخصص، كي تربط مخرجات التعليم الجامعي مع عناصر التنمية المستدامة. وهل طلبت الوزارة اعداد العاطلين من الخريجين من جميع التخصصات والفروع العلمية والانسانية كي تعد خطتها من دون رفد البطالة باعداد جديدة من فروع انتفت الحاجة الى تخريج المزيد من الطلبة منها لسنوات عدة مقبلة.
الواقع يشير الى ان كل مؤسسة ووزارة تعمل بصورة منفردة، من دون تنسيق بصدد هذه القضية، والافاق لحل هذه المعضلة معروفة، ولكن المهم لدى وزارة التعليم العالي ان تقبل اكبر عدد ممكن من طلبة الاعدادية وليس لها علاقة ان وجد هؤلاء فرصة للتعيين ام لا، او ان الاقتصاد الوطني بحاجة الى هذه التخصصات ام لا، وكم هي اعداد الفائضين عن الحاجة والقدرة الوطنية للاقتصادين العام والخاص على استيعاب هؤلاء الخريجين.
كما ان هناك اقساماً وفروعاً لم يعد القبول بها على وفق الدرجات مجدياً في الكليات الانسانية، الى جانب ذلك نلاحظ من خلال المتابعة ان التوسع بالتعليم الجامعي ازاء التخصصات الجديدة يكاد يكون معدوماً. عدا هذا وذاك نلفت انتباه وزارة التعليم العالي الى ضرورة فتح المزيد من المعاهد التي تخرج كوادر مهنية ذات كفاءة في التطبيقات العملية، حتى انه يمكن زيادة سنوات الدراسة فيها والتعهد باعطائها الاولوية في التعين او المساعدة في انشاء الورش المهنية، ومعادلة شهادتها واستحداث تسميات جديدة كأن يكون مهندس تطبيقي مثلا للمعاهد التي يكون الدراسة فيها اربع او ثلاث سنوات.
من الضروري ايضا ان تعرف وزارة التعليم العالي كم من التخصصات العلمية هاجرت البلاد جراء سياسات المحاصصية والتمييز وانعدام الامن او ضعفه كي يتم تعويضها من خلال زيادة اعداد المقبولين في الكليات الطبية والهندسية والتكنولوجية الاخرى. لايزال في الوقت متسع لوضع الخطط ومعالجة اخطاء سياسات القبول الماضي واشاعة شعور بالاطمئنان لدى الطلبة وذويهم ليس بالكلام وحده، وانما بالتطبيق العملي المحسوس ونتجنب خلق كوادر فائضة عن الحاجة لا مجال لعملها في تخصصاتها لا لدى الدولة ولا لدى القطاع الخاص.
الحكومة تتجه او تعمل على تنمية القطاع الخاص والنهوض به وتقديم التسهيلات اليه، وفي هذا القطاع مهن لا تحصى تمارس الان في اغلبها عن طريق الخطأ والصواب أي التجربة يمكن للجامعات الوطنية استحداث فروع وكليات لتدريس هذه المهن وتطويرها على اسس علمية بعيدة عن الارتجال، لاجل تعظيم الموارد وبنائها بالشكل الصحيح وتغيير النظرة الاجتماعية المعنوية اليها في المجتمع.