23 ديسمبر، 2024 12:28 ص

عن سيادتنا الضائعة منذ زمن

عن سيادتنا الضائعة منذ زمن

لا اجد اي تفسير منطقي لكل تلك الدعوات الكبيرة التي انطلقت من الاحزاب والكتل السياسية وامتلأت بها فضاءات مواقع التواصل الاجتماعي حول التدخل التركي في العراق، اجد صعوبة في فهم هذا اللغز الكبير الذي حيرنا وحير العالم، في هذه التناقضات الهائلة التي نعيشها في ظل الدولة التي اسمها العراق.

هل ازعجكم دخول قوات تركية للعراق؟، وهل جربتم الشعور بالخيبة ولو لمرة واحدة، اظنه شعور مؤلم، اي أمة في هذا العالم حينما ينتهك وجودها اي خطر خارجي فهي تنتفض، حتى العاهرات تنتفض حينما تشعر بالخطر.. الحديث عن الوطنية التي امتلأت بها حناجر ممن تسبب بضياعنا وضياع مستقبلنا ليس له اي تفسير اخر غير ان هذه الوطنية فضيلة الفاسدين فعلا كما يقول اوسكار وايلد.

لست معترضا على كل اولئك الذين خرجوا ضد دخول الاتراك الاراضي العراقية، بل احسب نفسي احد المحتجين على هذا الانتهاك، ولا احد يختلف فيه سوى الخونة والفاسدين، لكن لماذا نتظاهر على كل تلك النتائج ولانراجع الاسباب التي ادت الى كل ذلك.

ماذا حصدنا مابعد الـ 2003 ولغاية هذه اللحظة،؟ من الناحية الامنية الاف التفجيرات والمفخخات امتلأت بها مدننا، وكل يوم تعلن الجهات الامنية من استقطاب وظائف جديدة في هذا المجال لحفظ الامن، سياسيا ثمة تراجع كبير بين من يمسك السلطة. ولا احد يفكر بمصلحة البلد ونتيجة لهذا التراجع ظهر داعش وظهر الاتراك وهم يركبوننا مثل بغال تسير على الارض كما يريدون.

من الناحية الاقتصادية.. لايزال البلد مستهلك كبير لكل شيء حتى لمقاعد “التواليت” وشفرات الحلاقة والجواريب..وهنالك تراجع بالصناعة المحلية بشكل كبير وواضح، من ناحية التعليم، يبدو بشكل واضح مستوى الطلبة ومستقبلهم واضح ايضا، وكيف وصل مستوى التعليم الى ادنى مستوياته. اما الجامعات فوظيفتها اليوم تخريج العاطلين عن العمل.

الاعمار والبنى التحتية. لا اريد ان اتحدث اكثر مما تتحدث به الامطار في كل مرة ..ثقافيا.. لا اجد اي دور للثقافة او المثقف في توعية الناس لكل تلك الاسباب التي ذكرتها اعلاه، صحيا. كل شيء خاوي ، المؤسسات الصحية لاشيء فيها غير الفساد وغياب تام لابسط علاج لابسط مرض.

من الناحية التكنولوجية.. وسائل الاتصال وشركات الهاتف وشركات الانترنت، من اكبر السارقين لهذا الشعب الساكت على كل هذه السرقة التي تحصل بحقه.. ارقام وحقائق موجعة عن حجم الاموال الكبيرة التي تقودها شركات الاتصال .

من الناحية السياحية. المواقع الاثرية مدمرة ومهملة ولايوجد فيها مرافق بناء تجذب السواح وبذلك تكون موردا ودخلا مهما في حال هبوط اسعار النفط العالمية، ومن ناحية السياحة الدينية، لم يكن امام الدولة غير انها تسمح للالاف من الزائرين ان يدخلوا دون تأشيرات لهذا البلد.. كل شيء مجاني هنا في مواسم الزيارة.. وهي بذلك تفقد موردا اخرا مهما لها.

اما القضاء فهو يسير وفق اجندات من قبل جهات نافذة في الدولة تتمسك بهذا الملف.. تسير العدالة وفق مقتضيات ضرورة الحزب الفلاني.

تعالوا وحدثوني عن معنى السيادة ونحن لانفقه في أدارة امور بلد من اغنى البلدان في العالم.. حدثوني عن معنى الوجع الذي يصيبنا ونحن لانريد الخوض في مسائل الفساد ولانريد تسليط الضوء عليها لان الفاسدين تحميهم احزابهم التي تمسك السلطة بقبضة حديدية لاتترك مجال في نهضة واصلاح مايمكن اصلاحه.

تعالوا وحدثوني عن السيادة ماذا تعني.. انظروا كيف انتهكنا سيادتنا منذ زمن.. لماذا لايتعلم هولاء من احداث صدام ونهاية عهده.. سيادتنا الحقيقية حينما نتحول لبلد وشعب يدعو للاصلاح من ارض الواقع وليس من صفحات وفضاءات مواقع التواصل الاجتماعي فقط..

السيادة هو ان تكون سيدا بعملك وبنجاح بلدك وتخليصه من المفسدين الذين يتلونون كل يوم بحثا عن مصدر اخر للانتفاع منه مثلما تفعل الطحالب.

ماذا عن سيادتنا التي اهدرها الفاسدون؟ لاشيء يقف امام مصائبنا الكبيرة.. كلها تخلت عنا.. لم يتبقى غير المفسدين.