ليس هناك من بإمکانه أن يجزم بأن الاجواء المخيمة على الانتخابات العراقية المرتقبة في أيار المقبل، هي أجواء طبيعية، ولاسيما فيما يتعلق بالدور الذي يؤديه نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية من خلف الکواليس، إذ أن هذا النظام وبعد سيل الضربات السياسية و
الاقتصادية و الامنية التي تلقاها ليس بإمکانه أن يتلقى ضربة غير عادية ضده في العراق من خلال تقويض نفوذه، خصوصا وإن ذلك احدى الاهداف التي تسعى من أجلها الولايات المتحدة الامريکية في عهد الرئيس ترامب.
إجراء الانتخابات العراقية في موعدها المحدد، لم يکن أساسا مطلبا من الرکن الايراني في البيت الشيعي العراقي، بل کان بالاساس خارج البيت الشيعي، وإن تأجيل الانتخابات قد ترافقها متغيرات و أحداث و تطورات و مستجدات قد تکون غير مفيدة بالمرة لطهران،
ولاسيما وإن الاجواء الايرانية مازالت ملبدة بالغيوم و قد ينفجر برکان غضب الشعب الايراني في أية لحظة بحيث من الصعب على النظام السيطرة عليه، کما إن الضغوط الامريکية و الاوربية ضده فيما يتعلق بالاتفاق النووي و ببرامج صواريخه الباليستية، قد تقود بإيران
الى حالة من الضعف و الاهتزاز، ولذلك فإن إيران في عجلة من أمرها من أجل حسم قضية الانتخابات العراقية و ضمان نفوذها في العراق في ضوء السيناريو الذي أعدته لها.
ولاريب من إن المحکمة الاتحادية عندما تقضي يوم الاحد الماضي، بعدم جواز تغيير موعد الانتخابات الذي كان مقررا في منتصف أيار المقبل. کما إن رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، من جانبه، إعتبر أن قرار المحكمة بعدم تأجيل الانتخابات بات ملزما. غير ان
الذييجب أن لايفوت أحد، هو إنه ليس هناك مکان أو مفصل في الدولة العراقية بعد ولايتي رئيس الوزراء السابق نوري المالکي، يخلو من النفوذ الايراني، ولاسيما المحکمة الاتحادية التي طالما أصدرت قرارات تتناغم و تتفق مع النفوذ الايراني ولاتعارضه بالمرة، کما إن
سليم الجبوري، رئيس مجلس النواب العراقي، صار معروف عنه بعلاقاته”الاکثر من جيدة” مع طهران و التي يلمزها البعض بإشارات ذات مغزى، ليس هو الآخر من النوع الذي يفکر بالوقوف بوجه النفوذ الايراني، بل إنه مساير له.
قرار المحکمة الاتحادية، قرار تم إصداره بعد ضوء أخضر من طهران، وهو بذلك يسعى الى سد الابواب بوجه کل أنواع الاعتراضات ضد موعد إجراءها، وذلك يعني إن النظام الايراني قد وضع مخططه العام بالنسبة للإنتخابات العراقية، وإستعد لها کاملا، وهي رسالة لابد
أن تکون مفهومة لکل من يعنيه الامر، وخصوصا الشعب العراقي الذي يجب عليه أن يعرف جيدا بأن نظاما يقوم بقمع و إفقار و تجويع شعبه، لايمکن أبدا أن يکون مفيدا لشعب آخر کالشعب العراقي مثلا، ولذلك فإن الانتخابات العراقية في ظل سيناريوهات النفوذ
الايراني، لايمکن ترجي أي خير من وراءها!