10 أبريل، 2024 4:48 ص
Search
Close this search box.

عن حق تقرير المصير واشياء اخرى

Facebook
Twitter
LinkedIn

منذ ان كتبت هذه الزاوية قبل اكثر من ثماني سنوات ، كان خياري الوحيد ولايزال عراق موحد ديمقراطي ومدني ، تديره مؤسسات قوية ونزيهة ، ولانني شغفت بقراءة الكتاب الذين يذوبون عشقاً في أوطانهم ، لم يكن لي خيار آخر غير حب هذه البلاد الذي اعتبره فرضاً ، ورغم ما واجهته من مصاعب ، قررت ان لايكون لي خيار غير هذه البلاد . وكنت اعتقد ان قيمة العراق هو في استيعابه لكل من ولد وسكن على ارضه ، ومازالت قصيدة عمنا رشدي العامل منهجي ودليلي في هذه الدنيا : لا ترحل إن شراع الغربة، اسود من ليل الجلادين، لا تحزن أن الليل قصير، والشمس على موعدها ” ولهذا قررت ان لااخلع هذه البلاد ؟، لان فيها فقط اضحك من القلب .
ولهذا كنت منذ ايام اعيش في حيرة الكاتب الذي يجد نفسه مؤمناً ايماناً قطعيا بحق الاخوة الكرد في إقامة دولتهم اسوة ، بشعوب آخرى ناضلت من اجل هذا الهدف ، لكني في نفس الوقت احزن بكل حواسي لابتعاد كردستان عن العراق وبكل مخاوفي افكر في مستقبل اصدقائي الكرد . وبكل إدراك سياسي وفكري وثقافي، أعرف أن المشكلة عميقة ولايمكن حلها بجلسة مصالحة ، فما جرى خلال السنوات الماضية كان الغرض منه ان نحول الكرد من مواطنين إلى تابعين ؟
لكن هل كان المواطن الكردي وحد من تعرض للاقصاء والتهميش ، لقد أهملت الحكومات السابقة جميعها ، كل مدن العراق ، وأهملت مشاريع التمية والعدالة الاجتماعية ، وسرقت الموازنات الضخمة على مشاريع وهمية ، وساد الفساد وانتشرت الجريمة ، واستبدلت القوانين باعراف العشائر . وسعت الى اقامة تاسيس دولة دينية بديلا عن دولة المؤسسات
وبدل أن تعزز الشراكة الوطنية بين ابناء الشعب ، سعت الى هيمنة المحاصصة الطائفية ، وربما سيقول البعض ، لماذا تضع اللوم على بغداد وحكومتها ، وتنسى ان القادة الكرد كانوا ولايزالون شركاء في هذه المهزلة السياسية ؟ اتفق جملة وتفصيلا مع هذا الاعتراض وازيد عليه ان الاحزاب الكردستانية كانت شريكة لاحزاب الخراب السياسي التي اقرت دستورا هزيلاً ، ونظاما سياسياً ميتاً، وشجعت على المحاصصة وسعت الى تقاسم الكعكة مع احزاب الاسلام السياسي ، وكنا نامل ان تنحاز الاحزاب الكردستانية للحركة المدنية وتدعمها ، واذا بها تجلس في اربيل مع المالكي وفي السليمانية مع حنان الفتلاوي ، وتخرج لنا بخطاب الزواجح الكاثوليكي مع الاحزاب الشيعية ، واعتماد نظام المحاصصة بديلاً عن الدستور. التي وبدلا من ان تساهم هذه الاحزاب في دعم الديمقراطية العراقية الناشئة ، راحت تتحدث عن العلاقات التاريخية التي تربطها بالحكيم والجعفري .
واتمنى ان يعرف الاخوة الكرد انني هنا لا اناقش حقهم الطبيعي في تقرير المصير ، فالآن في اسبانيا ، مقاطعة كاتلونيا تريد الانفصال ، مثلما تريد اسكتلندا ان تخرج من المملكة المتحدة ، هذا حق الشعوب ومن غير المسموح المساوة عليه ، لكن حق العراق على ابناء كردستان ان يضمدوا جراحة وان يتعاونوا مع القوى المدنية في بناء مؤسسات قوية وان يسعوا جادين الى اقامة شراكة سياسية حقيقية لاتقوم على المصالح الفئوية ، وانما تسعى الى خير كل العراق .واولى هذه الخطوات ان تقوم الاحزاب الكردية بفك شراكتها التاريخية مع احزاب الاسلام السياسي ، والسعي لتشكيل تكتل سياسي يخرج العراق من ازمته ، والاصرار على اقامة نظام ديمقراطي حقيقي ، كل هذه العوامل ستساعد في المستقبل على ان يتخذ الاخوة الكرد القرار الصحيح والمناسب واتخاذ القرار الصحيح في حق تقرير المصير ، وهو حق لامجال للنقاش فيه .

 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب