يتذكر أقراني وأصدقائي في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي أحد الأفلام الهندية التي عُرضت في مدينتي الخالدة ( الرمادي ) وكان بالأسود الأبيض وفي السينما الوحيدة في الرمادي ( النصر ) أو سينما ( أبو فليس ) نسبةً إلى مالكها رحمه الله والتي أصبحت الآن أرضاً حراماً !!
الفلم المذكور طويل جداً وممل ويبدأ من الساعة العاشرة صباحاً وينتهي بعد صلاة عصر كل يوم .. هذا ما أتذكره تحديداً وأتذكر اليوم الذي دخلنا فيه ولم نشهد نهاية هذا الفلم ( كنا نرى الفلم عدة مرات !)
إنتظرنا ومعنا مئات المشاهدين نهاية الفلم لهذا اليوم فلم تُعرض وفُتحت إنارة قاعة السينما والدهشة أصابت الجميع تلتها إحتجاجات وصياح وصفير ثم خروج من السينما من الباب الكبير أو من الأبواب الصغيرة وحين إستفسر الناس من المشغل عن سبب وجود نهاية للفلم أجابهم بأنَّ شريط أو قرص مقطع النهاية مفقود !!
هذه الحادثة تُذكرني عما يحدث بالضبط الآن من هذه الحرب الغريبة الشبيهة المماثلة لهذا الفلم الممل .. لكنها بالدم وبأرواح الناس ومستقبلهم وممتلكاتهم ومدنهم وقراهم .. المتتبع لما يجري الآن من تحركات وحوارات ولقاءات وزيارات ومؤتمرات وندوات سيصل إلى حقيقةٍ واحدة وهي أنَّ ما يحدث الآن من خرابٍ غير منظم وفوضى تلقائية لبعض مدن العراق سوف لا تنتهي أبداً إذا بقي نفس هؤلاء الأبطال ونفس المخرج ونفس الكاتب وطبعاً نفس الممول والمنتج .. الحرب التي تدور في العراق لا تعتمدُ على فلسفة أو عقيدة المعارك أو الحروب التي رواها لنا التاريخ بكل قساوتها ووحشيتها وخرابها ودمارها .. الأمر ليس كذلك تماماً وهو بعيد جداً عن تصورات وتكهنات البعض .. ما يدور محاولة ناجحة جداً وتخطيط إستراتيجي من دول ومؤسسات متمكنة للقضاء على العراق نهائياً وبلا رجعة وإستبداله بقطع ودويلات صغيرة حتى وإن كانت تحت مسمى الدولة الموحدة .. الحل فيما يدور من خراب في العراق وتحديداً في الأنبار وأكثر تحديداً في الرمادي لا يمكن حله هنا داخل بلدنا المبتلى .. بل هناك بعيداً في السعودية مثلاً .. وربما في إيران على سبيل المثال .. وقد يكون في تركيا من باب التذكير .. أو قطر أو الكويت أو أو .. الحل هناك فيمن أوصلنا إلى هذا الحال .. الساكنون في الفنادق .. النائمون في الصباح والساهرون في الليل .. المتلاعبون بدمنا .. المنتظرون حصصهم في إعمار ما خربوه !
ذيول الأحزاب والسياسيون المعتقون المتخمرون بالتبعية والذل .. هناك بعيداً جداً ربما في واشنطن أو قريباً جداً في تل أبيب .. أطرقوا أبوابهم وإتصلوا بمن يرتدي العمامة أو العقال أو الأربطة العوجاء منهم وستجدون الحل بلا عناء يُذكر وسترون كيف سسنشهد سويةً نهاية هذا الـــ ( سنكام ) ..