23 ديسمبر، 2024 10:51 ص

طوال الحقبة الماضية في العراق والتي كان فيها الرمز  صاحب السلطة الاوحد والذي لا ينازعه فيها احد، تلك الرمزية التي كانت لم ترتكز على تاريخ كالذي بنت عليهِ(الماويه*)امجادها ولم تكن سنوات الخبرة لذلك الرمز والتي اعَدها لنفسه بما يستحق العراق، كالتي قدمها مانديلا طوال 30 سنه بين المعتقلات والتعذيب والسجون ، كانت رمزية واهية صنعها لنفسه من البرونز والأجر ما لبثت ان تتكسر بمعاول الفقراء واحذيتهم كما فعلها في فرنسا ناقمو سجن الباستيل* آنذاك، وشُنِقَ ذلك الرمز الوهمي كأضحية عيدٍ لضحاياه الذين تفنن في قتلهم احياء واذابتهم بأحماض الأسيد الثمين تيمنا بتجربة هتلر بمحرقة اليهود، كان الرجل سادي وماسوشي خَلَقَ لنفسهِ طقوسَ قائدٍ حقيقي واوهم شعبه بانهم لايمكنهم الاستغناء عنه، فموسيقى شتراوس* التي اختزل فيها كل خبرته طوال سنوات عمله كبحار في دانوبه الازرق كانت ترافق طقوس ذلك القروي المعدم، وكأي نرجسي كان ينشغل بملء غليونه اثناء حديث اهم رجالاته، في اشاره منه انكم لا شيء امامي يارجال السلطة التي هي انا فقط، بعد ان وهت واندثرت كل الادبيات التي جاء بها صدام حسين، خلت الساحة في العراق لرمز حقيقي وكل من استلم سدة السلطة كان هناك غبار على ولائه للعراق بنظر العراقيين فلم يتفقوا على اخلاص احدهم، ولان العراقي الخارج من حقبة الاستبداد لم يستوعب بعد ان بإمكانه ان يشتم من هو في موقع سلطة دون ان يداهم منزله قبل السابعة مساءاً ، ويبيت ليلته في مديرية مكافحة الاجرام ،او الامن العامة او المخابرات العسكرية، وان توضع دائرة برتقالية على خريطة منزله لدى سجلات الفرقة الحزبية، انتهت تلك الحقبة وخلت ضفتي دجلة من تماثيل البرونز لرمز يرفع يمناه كحركة مستنسخة للنازي هتلر تلك، واليوم يتفق كل جزء من العراق على رمز يمثلهم كما اعتادوا سابقاً على اتباع سيد القبيلة والعشيرة فلازالت تلك القيم حاضرة ،نراهم يتفقون على رموز لأشخاص يحاولون صناعة الرمزية ، فصالح المطلك و اسامة النجيفي يمثلون رموز لدى طائفتهم و مريديهم من العراقيين، السيد نوري المالكي يمثل رمزا لدى الاغلبية ربما بحسب نسبة التصويت له ، السيد مقتدى الصدر يمثل رمزا لدى اتباع والده ومقلديه لانه امتداد لأرث رجل عظيم ،والسيد عمار الحكيم كذلك، لذا تعلوا النبرات ويشتد الجدال  اذا ما انتقدت سياسة هذا او ذاك بشكل سلبي لانه رمز بنظرهم، جزء وليس كل ، لان العراقيون في الماضي لم يتفقوا على رمزهم المستبد برغبتهم ورضاهم المطلق فما عادوا اتفقوا الان على رمز موحد بعد سقوط الدكتاتورية ، لكن هناك اختلاف واضح على عدم المقبولية لدى الاخر لهؤلاء الرموز. في نفس الوقت العراقي اليوم لا يستقبل ان يكون الرمز سياسي او رجل سلطة ربما لكون العراقي يعاني من فوبيا القائد الرمز لذلك يخشى تكراره؟؟ في الوقت الذي  ارى ان في العراق اليوم رجالا اضحوا رموزا تتفق عليهم ارض العراق وسماءه قبل ابناءه، رجال ادركوا ان الموت حتفهم وانطلقوا صوبه احتضنوا الموت لتستقبله اجسادهم وتدفعه عمن حولهم، واستند على بطولاتهم بموقف ذلك الرجل الذي احتضن الانتحاري امام محكمة الكرادة في يوم الخميس 15 ايار. وموقف اخر للبطل الشهيد الشاب محمد الفريجي صاحب ذات الوقفة البطلة، واخرون من مثل تضحياتهم يستحقوا ان يكونوا رموزاً لن تختلف عليهم كتله سياسية او مذهبية او أتجاه دون اخر، لانهم قٌتلِوا لنبقى، فهل من وقفة جدية بحق هؤلاء الرموز، وامام تلك الارواح ، وهل من تجسيد لها ،ولو بنصب موحد على شاكلة الجندي المجهول لان منجزهم واحد لكنه عظيم.
ولان الرمز هو تعبير عن ضمير المجتمعو ليرى العراقيين رمزا حقيقيا  يوحدهم يستحق ان يتجسد ويحتذى ولأننا في مرحلة تحتاج وبشده لرموز للنزاهة والاخلاص والتضحية دون مقابل. الايستحقوا ان  تحتفي بصورهم  جدران بغداد وساحاتها وشوارعها ومواقع البطولة التي جسدوا فيها ارقى ما يمكن ان يبذل !!
[email protected]
ـــــــــــــــــــــــــــــ
*الماوية :نسبة الى ما وتسي تونغ مؤسس المذهب الماوي في الصين ورمزهم التقليدي.
سجن الباستيل: الباستيل هو سجن أُنشئ في فرنسا بين عامي 1370 و1383 كحصن للدفاع عن باريس ومن ثم كسجن للمعارضين السياسيين والمسجونين الدينيين والمحرضين ضد الدولة. وأصبح على مدار السنين رمزاً للطغيان والظلم وانطلقت منه الشرارة الأولى للثورة الفرنسية في 14 يوليو 1789. وما تزال فرنسا حتى اليوم تحتفل بمناسبة اقتحام السجن باعتبارها اليوم الوطني لفرنسا (Fête Nationale) في الرابع عشر من يوليو من كل عام وانتهاء حقبة طويلة من الحكم المطلق.
شتراوس:ملحن ومايسترو قدم روعته المعروفة فالز الدانوب الأزرق. كان والده يوهان شتراوس الأب موسيقارًا وملحنًا. ولد الألماني يوهان شتراوس في فيينا، وعائلته تدعى) يوهان شتراوس (.