17 نوفمبر، 2024 10:41 م
Search
Close this search box.

عن الهيئات المستقلة والفساد

عن الهيئات المستقلة والفساد

ونعود للحديث عما يسمى (الهيئات المستقلة) وتحديداً هيئة الإعلام وما يرتبط بها من مؤسسات. ومناسبة الحديث تأكيد النائبة عن كتلة الأحرار مها الدوري مؤخراً وجود وثائق تثبت تورط مجلس الأمناء في هيئة الإعلام والاتصالات بقضايا فساد مالي وإداري، وقول النائبة في حديثها إلى )السومرية نيوز( إن بعض الهيئات المستقلة فقدت استقلاليتها وأصبحت تدار من قبل الحزب الواحد أو الحزب الحاكم. تصريح الدوري هذا جاء بعد يوم واحد من اتهام هيئة النزاهة البرلمانية (14/11/2011) أعضاء في مجلس الأمناء بهيئة الإعلام والاتصالات بالتورط بقضايا فساد مالي وإداري، مؤكدةً إنها ستحيلها للتحقيق فيها …
شخصياً أجد هذه الاتهامات قابلة للتصديق لكثرة ما قرأتُ مما نشر عن التجاوزات في الهيئات المستقلة عموماً، وفي هيئة الإعلام والاتصالات على وجه الخصوص والصمت الحكومي الذي أعقب كل مانشر. ولو تم التحقيق في كل ما كتب وما نشر من وثائق ومعلومات عن التجاوزات والفساد في الهيئة وشبكة الإعلام لوضعت الأمور في نصابها ولحفظنا لهذه الهيئة مكانتها وما يرتبط بها أمام الناس.
إن سبب المشكلة كما أراه شخصياً أنها هيئات اسمها مستقلة وواقعها ليس كذلك. هيئات تشكلت على أساس المحاصصة فأصبحت تحت خيمة (الحزب الواحد) أو (أحزاب السلطة)، مما يجعل من المتعذر التدقيق في الفساد وإبعاد الفاسدين لأن كل عضو فيها يحتمي بخيمة حزبه أو طائفته، فتنتهي التحقيقات غالبا وفق المقولة العراقية الشهيرة (انت هص وآني هص).
إن الهيئات المستقلة الموجودة في عدد من دول العالم ومنها كندا، والتي أسست الهيئات العراقية لمحاكاتها، هي هيئات مستقلة قولاً وفعلاً مما يجعلها ملكاً لجميع القوى والأطراف السياسية في البلد ويضعها أيضاً عرضة للمحاسبة والتدقيق. سأشير هنا الى حادثة حصلت هنا منذ ايام في كندا حين اقدمت هيئة الانتخابات (Election Canada) بإحالة الحزب الحاكم (حزب المحافظين) إلى المحكمة، وهو حزب الحكومة وصاحب الأغلبية البرلمانية، بسبب مخالفة ارتكبها الحزب في عملية تمويل حملته الانتخابية في العام 2006، حيث تجاوز المبالغ المقررة للإنفاق على الدعاية الانتخابية في القانون. وفعلاً اعتبرت المحكمة الحزب مذنباً (guilty) وفرضت عليه غرامة مالية سيدفعها لاعترافه بالمخالفة. تم كل ذلك دون أن يبدي رئيس الوزراء وزعيم الأغلبية (ستيفن هاربر) امتعاضه أو يلجأ لتغيير إدارة هيئة الانتخابات أو أن يطلق أعوانه ومريديه للتشكيك بها وبقراراتها فالقانون هو الحكم في الدول التي تحترم شعوبها.
لكي تتجاوز الهيئات المستقلة الفساد المالي والإداري الذي عشعش فيها كما يبدو، يجب أن تتحول إلى هيئات مستقلة فعلاً وقولاً، وأن تقاد من قبل أكاديميين ومتخصصين مستقلين فعلا لا قولا، يتعاملون مع الجميع، حكومة ومعارضة، بشفافية وعلى أساس كونهم  مواطنين عراقيين!!
 ولكي نصدق أن شبكة الإعلام العراقي (مثلاً) مستقلة، فيجب أن نرى على قنواتها مفكرين وصحفيين ومحللين من خارج إطار جماعة الحكومة أو جماعة العملية السياسية … حين أشاهد د. حميد عبدالله أو علي حسين أو وارد بدر السالم أو عدنان حسين على شاشة فضائية العراقية يبدون رأيهم في الأداء الحكومي سأصدق حينها أنها مستقلة.

أحدث المقالات