ماذکره نائب مبعوث الرئاسة الامريکية الى التحالف الدولي لمحاربة داعش”بريت ماکجورك”، بخصوص ان تواجد ميليشيات إيرانية في العراق يسبب مشاکل لکل من رئيس الوزراء حيدر العبادي، و المرجع الديني علي السيستاني، فضلا عن موقف بلاده من هذه القضية، هو کلام غير دقيق و يحتاج الى المزيد من الترکيز و التوضيح.
إنتشار الميليشيات الايرانية ليست هي المشکلة الاساسية وانما أحد جوانب مشکلة معقدة متداخلة في بعضها البعض، وان تغلغل قوات التعبئة او الحرس الثوري الايراني الذي يصفه ماکجورك بالميليشيات، في مناطق من العراق، هو بالاساس تغلغل محدد و لإعتبارات معينة و يمکن إنهائه لأن السياسة الايرانية بالنسبة لدول المنطقة لاتعتمد على تواجدها المباشر وانما من خلال قوى و أطراف تمثلها و تنوب عنها.
قوة الدور الايراني في العراق ليس من خلال تواجد الحرس الثوري او قوات التعبئة الايرانية فيه، وليس بإمکان هذه القوات ان تؤدي الدور المطلوب منها کما تريده و ترتأيه السياسة الايرانية في العراق و المنطقة، وان السيناريو اللبناني أي الدور الايراني في لبنان من خلال حزب الله هو بنفسه يعاد إستنساخه ليس في العراق فقط وانما في سوريا و اليمن أيضا، وان قوة الدور و النفوذ الايراني في العراق يترکز بشکل خاص على الميليشيات التي قامت بتأسيسها والتي تتجاوز 32 ميليشيا و يقال بأن عدد أفرادها يتجاوز 120 ألف، وهي ميليشيات معبئة و مشبعة بفکر طائفي متطرف يجعلها تفکر بإتجاه واحد إقصائي.
النفوذ الايراني المتعاظم في العراق، يستمد قورته الاساسية من نشر التطرف الديني ببعده الطائفي، وهو کما نرى لايکتفي بنشر الفکر فقط وانما يقوم بعسکرة حاملي هذا الفکر کي يفرضونه على الاخرين بالقوة تماما کما جرى و يجري في نظام ولاية الفقيه ذاته، وان إستخدام العنف و القسوة المفرطة هي أحد أهم معالم الفکر الطائفي المتطرف الذي تم زرعه في تلك الميليشيات وهي ذاتها المزروعة في حزب الله اللبناني و جماعة الحوثي و الميليشيات العلوية التي اسستها إيران في سوريا، ولاغرو من أن الحديث عن هذه الميليشيات و الذي تتفاداه و تتحاشاه الادارة الامريکية لأسباب عديدة تحاول من خلال الترکيز على الحرس الثوري و قوات التعبئة التهرب من فتيل المشکلة المحدد في هذه الميليشيات التي وکما يعلم کل من يعرفها، لاتعترف او تقر بسلطة غير نظام ولاية الفقيه و کل أفرادها يدينون بولاء الطاعة للولي الفقيه، ولذلك فإنه تعتبر يد طهران الضاربة التي على إستعداد لتنفيذ أي أمر او مهمة موجهة إليها، من المؤکد أن ماکجورك و معظم دول المنطقة يعرفون هذه الحقيقة المرة، لکن يبقى
السؤال الاهم وهو: الى متى الصمت و التهرب الاقليمي و الدولي من هذه الميليشيات الموالية لطهران و التي تشکل خطرا على السلام و الامن و الاستقرار في المنطقة برمتها؟
