23 ديسمبر، 2024 9:31 ص

عن المصالحة الوطنية العراقية

عن المصالحة الوطنية العراقية

دعوة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، الى تعزيز المصالحة الوطنية بالعراق والإسراع ببناء ما دمرته الحرب. دعوة إيجابية ومهمة وضرورية الى أبعد حد بالنسبة للعراق وخصوصا في هذه المرحلة، ولکن السٶال الاهم الذي يطرح نفسه بقوة وإلحاح هو؛ هل إن الشروط الذاتية والموضوعية للمصالحة الوطنية في العراق متوفرة ومتاحة وإن هناك ضمانات لإنجاحها وجعلها أمرا واقعا؟
الحديث عن المصالحة الوطنية في العراق جميل وجذاب في ظاهره، ولکنه وفي ظل الاوضاع والظروف الحالية التي يمر بها العراق يبدو کالسراب الذي يحسبه الظمآن ماءا، ذلك إن الحقيقة التي لامجال لإنکارها أو تجاهلها أبدا هو إن هناك أيادي خارجية تقف بوجه ذلك وتعمل بصورة وأخرى على تهيأة کل الظروف والعوامل التي ليس لاتساعد على ذلك وإنما تعمل ضده أيضا وبکل قوة.
ماذا جرى للشعب العراقي بعد الاحتلال الامريکي للعراق في عام 2003؟ مالذي تغير فيه أو صار غير طبيعيا وليس کسابق عهده؟ الحديث عن هذا الموضوع شئنا أم أبينا يجعلنا وجها لوجه أمام الدور والنفوذ الاستثنائي لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية في العراق، ذلك إن أغلب الاحزاب والقوى السياسية الشيعية التي دخلت العراق بعد الاحتلال الامريکي للعراق، کانت تابعة وخاضعة بصورة أو أخرى للنظام الايراني، وهو أمر توضح فيما بعد ولم يعد بوسع أحد إنکاره خصوصا عندما صار معلوما بأن هذه الاحزاب والقوى خاضعة لهذا النظام ولايمکن أن تعمل شيئا من دون إستشارته وإستلام الضوء الاخضر منه، وإن ماقد صدر وللأسف البالغ عن بعض من هذه الاحزاب والقوى أکدت وأثبتت بأنها تعتبر جزء من مشکلة”الاختلاف والتصادم بين مکونات الشعب العراقي” وإنها ليست جزءا من الحل، خصوصا مع إستمرار النفوذ والهيمنة الايرانية على العراق بل إنها جانب خطير وأساسي من المشکلة.
تفعيل المصالحة الوطنية في العراق يتطلب فيما يتطلب وکشرط أساسي لامجال للتخلي عنه أبدا إنهاء نفوذ النظام الايراني في العراق لأن ذلك کفيل بجعل القرار عراقي وليس خاضع لأطراف دخيلـة ومتربصة بالعراق کالنظام الايراني الذي طالما حذرت منه المقاومة الايرانية وإعتبرته خطر وتهديد متربص بالعراق والمنطقة وإنه لايمکن أبدا أن يتم إستتباب السلام والامن والاستقرار في العراق والمنطقة مع بقاء وإستمرار دور ونفوذ هذا النظام، وإن الحديث عن المصالحة الوطنية في العراق يمکن إعتباره مع أهميته القصوى حديثا سابقا لأوانه مع إستمرار دور ونفوذ النظام الايراني الذي يعتبر العقبة الاکبر في وجه هذه المصالحة.