22 ديسمبر، 2024 7:48 م

لو أجرينا مقارنة دقيقة بين الاوضاع المختلفة المتعلقة بإيران خلال الاعوام الماضية، وبين نفس الاوضاع في هذا العام أي 2017، لوجدنا هوة شاسعة بينهما إذ أن المشاکل و الازمات الحالية التي تعيشها إيران حاليا باتت کلها عقيمة و ليس بإمکانها إيجاد ثمة علاج او حل معين لها.
إيران التي قامت بإستغلال العامل الديني من أجل تحقيق أهداف و غايات سياسية محددة، إنتهجت سياسات مختلفة إتسمت کلها بالتطرف و التشدد و إعتمدت على مبدأ تصدير التطرف الديني و الارهاب و الارتکاز على القوة و العنف لدفع الاخرين للقبول او الاقتناع بطروحاتها، کانت لهذه السياسات الطائشة و المجنونة آثارا بالغة السلبية على الاوضاع في داخل إيران على الاصعدة الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و الثقافية و تجسدت في إزدياد أحوال الفقراء سوءا و إزدياد نسبتهم يوما بعد آخر حتى لم تعد هنالك من طبقة وسطى في إيران إذ بات اليوم و بفعل السياسات غير العادية لإيران يعيش قرابة 70% من أبناء الشعب الايراني تحت خط الفقر، و تزداد نسبة البطالة بشکل مخيف حتى أنها تکاد أن تتجاوز 35% فيما يزداد هبوط قيمة الريال الايراني و تسجل أدنى قيمة لها، ومع إزدياد حدة المواجهة السياسية الاقتصادية بين النظام و المجتمع الدولي و تجديد العقوبات الدولية مع عقوبات أمريکية جديدة أفقدتها الکثير من قدرة المناورة و التحرك، وفي ظل هکذا أوضاع تقوم طهران بالعمل من أجل بتوسيع تدخلاتها في المنطقة و جعل الامور تسير فيها کما يتفق مع مصالحها و أوضاعها، وکأنها تريد أن ترقع أوضاعها الوخيمة و البالية بهکذا مسعى من أجل خداع الشعب و إلهائه، لکن المعارضة الايرانية النشيطة التي وقفت و تقف دائما بالمرصاد ضد هذا النهج السياسي لطهران و کذلك ضد مخططاتها في إيران و المنطقة، تعود اليوم من جديد لترسم طريق الامل و التفاؤل بغد و مستقبل أفضل لإيران من خلال النشاطات و الفعاليات السياسية المختلفة التي تقوم بها دونما توقف، خصوصا وإنها تٶکد على وخامة الاوضاع الداخلية و عدم وجود أية قدرة لدى النظام من أجل معالجة تلك الاوضاع خصوصا عندما تطالب بالتغيير و تحث المجتمع الدولي على دعم التطلعات المشروعة للشعب الايراني من أجل الحرية و الديمقراطية.
المجتمع الدولي الذي ظل موقفه طوال العقود الثلاثة و النصف الماضية من عمر النظام القائم في إيران يتسم بسلبية تميل لصالح طهران في خطه العام، تيقن من أن إيران قد نجحت في إستغلال الموقف الدولي لصالحها و قام بتوظيفها عى أفضل وجه، ولذلك فإن المجتمع الدولي يقف اليوم أمام مفترق حاسم و حساس يجب عليه أن يأخذ بزمام المبادرة قبل أن تفوت الفرصة خصوصا وان الظروف و الاوضاع کما نرى في سياق الامور و مٶشراتها تسير بإتجاه المزيد من التعقيد و الذي يقوم به هذا النظام من أجل المحافظة على بقائه و ضمان عدم تعرضه لخطر السقوط، وهو الامر الذي يجب على المجتمع الدولي أن ينتبه له جيدا.
من يتابع الاوضاع في إيران بدقة يتوصل الى حقيقة أن إيران تمر بظروف بالغة الصعوبة ليس بإمکانها تخطيها او تجاوزها، وهي تسعى من خلال توسيع دائرة الفوضى و إستغلال العامل الديني ببعده الطائفي لخلط الاوراق فإنها بذلك تثبت مدى خطورتها على الامن الاجتماعي بشکل خاص و القومي للمنطقة بشکل عام، وإن حتمية تفعيل موقف المجتمع الدولي بإتجاه الشعب الايراني و المعارضة الايرانية و الاعتراف بکفاحهما من أجل التغيير و الوقوف الى جانبهما، خصوصا وإن للمعارضة الايرانية النشيطة المتاوجدة في الساحة إستحقاقات على المجتمع الدولي ذلك أنها و في أيام کان العالم يراهن على إعادة تأهيل هذا النظام و إنخراطه في المجتمع الدولي، کانت المعارضة الايرانية المبادرة لإماطة اللثام عن العديد من مخططاته السرية ضد بلدان المنطقة بصورة خاصة و حتى بالنسبة لمشروعه النووي الذي لايبدو إن طهران ستتخلى عنه بسهولة و بهذا السياق لم يکن کشف الخطط السرية للمشروع النووي الايراني مٶخرا من جانب المعارضة إلا خدمة کبيرة للأمن و الاستقرار و السلام الدولي في وقت کان المجتمع الدولي منهمکا بسياسة المماشاة و المداهنة معه، ومن هذه المنطلقات، فإن المجتمع الدولي عندما يبادر للإعتراف بالنضال المشروع للشعب الايراني من أجل الحرية و بمشروعية معارضته الوطنية کمسعى للتغيير نحو الافضل في إيران، فإنه يعترف بحق مشروع و قانوني لامناص منه و ليس يمن عليه فقد أثبت کفاح الشعب الايراني و معارضته الوطنية و بالادلة الملموسة انها تکافح و تناضل من أجل إيران حرة ديمقراطية خالية من الاسلحة النووية و تؤمن و تعترف بسياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين.