23 نوفمبر، 2024 12:57 ص
Search
Close this search box.

عن القضاء وتعديل الدستور

عن القضاء وتعديل الدستور

عادت إلى الواجهة مرة أخرى دعوات تعديل الدستور، فقد كشف رئيس مجلس النواب سليم الجبوري أمس عن تقديم الكتل السياسية (60) مرشحاً لإتمام هذه العملية.
وبرغم أن آليات التعديل وفقاً للسياقات المقررة تشوبها صعوبات جمّة كونها معقدة والبعض يصف تطبيقها بشبه المستحيل، لكن هذا لا يمنعنا أن نبحث عن نصوص يمكن تغييرها بالشكل الذي يتفق مع المصلحة العامة ويبعد المشكلات التي كان يعاني منها القانون الاسمى في البلاد نتيجة الاستعجال في صياغته وإقراره تحت ضغوط معروفة للرأي العام حينها.
ما ينبغي الالتفات اليه، هو الفقرات التي تنظم عمل السلطة القضائية ومكوناتها، وما يزيد المخاوف هو رغبة بعض الجهات السياسية في ابعاد عمل المحاكم عن الاستقلال من خلال سن قوانين تعيد خطر هيمنة القرار الحكومي على القضاء بعد أن تخلص العراق من هذه الحالة بعد تغيير النظام السابق عام 2003.
حيث لا ينكر منصف تمتع القضاء العراقي خلال السنوات الماضية بقدر واسع من الاستقلالية المالية والإدارية وأهم من ذلك في اتخاذ القرارات، بنحو لم يكن موجود في السابق.
اليوم وصلنا إلى تحد خطير هو اعادة ترتيب القانون الاسمى والأعلى في البلاد، وما ينظم سلطات البلاد ويحدّد ملامحها الرئيسة، وأن ما يهم عمل القضاء بحسب اعتقادنا وفق للدستور يتعلق بأربعة محاور.
أول المحاور ينبغى على من يتولى تعديل الدستور تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات، وكذلك عدم التلاعب بالمادة التي تتحدث عن استقلال القضاء أو القضاة في عملهم.
أما المحور الثاني، وهو معالجة خرق الدستور لنفسه، ويحصل ذلك من خلال سحب صلاحية البرلمان في التصويت على المناصب القضائية العليا (رئيس محكمة التمييز الاتحادية، رئيس هيئة الاشراف القضائي، رئيس جهاز الادعاء العام)، لأن هذه الصلاحية لا تتفق مع استقلال القضاء كسلطة اسوة بالسلطتين التنفيذية والتشريعية.
والمحور الثالث، هو ابقاء الصفة القضائية للمحكمة الاتحادية العليا، والتأكيد على تشكيلها بالنحو الموجود حالياً وهم من كبار القضاة فقط، وعدم اقحام ما يعرف بـ “خبراء الشريعة والقانون” فيها، لخطورة هذا النص الذي يحولها إلى مجلس للإفتاء، فضلاً عن أنه يساوي بين القاضي والخبير.
وعن المحور الرابع والأخير، هو ابقاء اجنحة القضاء، (مجلس القضاء الاعلى، المحكمة الاتحادية العليا، محكمة التمييز الاتحادية، وهيئة الاشراف القضائي، والادعاء العام)، وجميعها تحت مظلة السلطة القضائية الاتحادية  وعدم فصل أحداها عن الاخرى. 
على المعنيين بتعديل الدستور عدم تجاهل هذه النقاط، وأخذها بعين الاعتبار كونها وحسب اعتقادنا تمثل الضمانة الرئيسة لتعزيز هيبة القضاء وتطبيق العدالة في المجتمع العراقي وتحول دون أي تدخل في عمل المحاكم بمختلف صنوفها وتبقي على الصفة القضائية لها.

أحدث المقالات

أحدث المقالات