21 ديسمبر، 2024 6:30 ص

عن الطب في العراق..الخطأ الطبي … العواقب والعلاج

عن الطب في العراق..الخطأ الطبي … العواقب والعلاج

يكثر الحديث بين فتره وأخرى عن أخطاء للطبيب غير متوقعة  ولامحسوبة  يمتد تأثيرها لا على المريض أو المرضى فقط، بل على  سمعة الطب في بلد ما،وبالتالي على مسيرة التقدم العلمي والتطور الأجتماعي في ذاك البلد.
وقد يكون موضوع الخطأ الطبي أو أخطاء الأطباء من المواضيع الحسّاسة التيلايرغب الأطباء أو من يمثّلّهم، او الوزارات المسؤولة في حكومات معينة، من الخوض فيها والبحث في تفاصيلها، بما يعني من اصدار دراسات والأبلاغ عن احصائيات. ولكن الخطأ الطبي بحد ذاته لا يُقلّل من آثاره ولا من نسبة حصوله الاّ بعد دراسات، وتحديد مسؤوليات، وتوّفر أدارة بروح قيادية مسؤولة،  تحترم الأنسان، فهو الهدف والغاية في جميع الأحوال.
 ولابد لهذه الأدارة المسؤولة من تحديد علمي دقيق لأبعاد مشكلة الأخطاء الطبية وأسبابها ووضع الحلول للتعامل معها ومع مسّببيها الأطباء ممن أجيزوا للعمل الطبي لأراحة الناس من مرض، ووقايتهم من داء، وألباسهم ثوب العافية والشفاء من مرض وليس غير ذلك .
ولعلنا نتفق على تحديد المقصود بالخطأ الطبي فنقول  بأنه الخروج في السلوك العلمي الطبي عن القواعد والأصول المعروفة والتي يقضي بها علمالطب بأختصاصاته المختلفة والمتعارف عليها عالميا. وماهذا الخروج عن المعروف الا بسبب جهل مثلا او عدم أهتمام ورعاية، فيحصل الخطأ، وتحدث المشاكل، وتتضاغف حالة المرض أو قد تتطور الى مالايحمد عقباه.
 وأذا خصّصنا الكلام في موضوعة الطب في العراق نلاحظ ان وسائل الأعلام المحلية في الفترة الأخيرة قد نشرت العديد من أخبار الأخطاء الطبية سواء كان في تشخيص لمرض أو في علاج. ولا أريد هنا أن أفصّل في طبيعة ما نُشر ولكنها المسؤولية التي تحتّم التحذير من عدم مواجهة مشكلة الخطأ الطبي في العراق بشكل علمي، فالمجتمع الذي يعيش حياة صعبة في ظرف  سياسي وأقتصادي مضطرب، ماأحوجه الى خدمات صحية متوازنة تدخل ضمن المعقول والمقبول من مستوى ودرجة خدمة. وقد يجادل البعض قائلا أن مستوى خدمة الصحة والطب لابد أن ترتبط بمستوى خدمات أخرى أو بواقع التطور العام في البلد. وقد يكون هذا من الصحيح علاقة، ولكن الطب في العراق له خصوصيته النابعة من تاريخه وحرص أطبائه دائما على أن يكونوا في مقدمة المساهمين في بناء الوطن  والحفاظ على حياة الناس.
الخطأ الطبي .. مضاعفاته
وأذ تأتي الأخبار المحلية في العراق بأن هناك قانونا عشائريا يأخذ بحق المريض الذي وقع عليه الخطأ من  طبيبه المعالج فما ذلك الاّلشعور الناس –من أهل المريض – ان لاوجود لضوابط في القانون المدني لمساءلة طبيب وتحديد نتائج ماحدث تفصيلا وأسبابه، وبالتالي وضع حل تعويضي معين مثلا من قبل شخص الطبيب نفسه او دائرته الصحية المسؤولة او أية جهة أخرى عامة أو خاصة يعمل فيها الطبيب المقترف للخطأ.. وهو خطأ غير متعمد قد يترك مضاعفاته التي منها :
-مضاعفات تصيب جسد المريض .. أو قد تؤدي لتفاقم المشكلة الصحية بما يهدّد حياة المريض او قد يسّبب وفاته.
-مضاعفات على الحالة النفسية / المعنوية للمريض.
-مضاعفات على الحاله المادية للمريض نفسه مما يسبب  خسارة مالية لم تكن متوقعة من قبل المريض نفسه.
وأذا نظرنا في تجارب الدول المتقدمة في العالم وخبراتها في التعامل مع أخطاء الأطباء ودور الثقافة الأجتماعية والتطّور العام في البلد المعني، علمنا ان هناك:
 -دوائر قانونية متخصّصة للدفاع عن المريض والطبيب في ذات الوقت، وتسعى لأحقاق الحق. حيث يلزم الطبيب قانونيا بالتسجيل عند نقابة الدفاع عن الأطباء (كما هو الحال في بريطانيا مثلا). كما ينصح المريض  الذي وقع عليه الخطأ باللجوء الى المحامين المتخصّصين بموضوعات الخطأ الطبي ومشاكله.
-نقابات مسؤولة عن توجيه الأطباء وتوعيتهم بحقوقهم العقدية (نسبة الى عقد التوظيف) في العمل وتحديد مسؤولياتهم كلا حسب درجة الأختصاص وطبيعة الشهادة العلمية.
-مراكز جامعية وصحية تقوم بالتعاون مع بعضها لتوفير ورشة عمل طبية ودورات ومحاضرات علمية للأطباء تضمن حصول الطبيب وأينما كان على درجة المهارة المطلوبة عمليا ونظريا بما يؤهله لممارسة الطب في اختصاص معين. ويشرف على مثل هذه الدورات أساتذة طب أكفاء مشهود لهم بالمهارة والخبرة الطبية أو قد تشرف عليها جمعيات علم لها خبرتها في هذا المجال.
أن المجتمع الذي يعاني فيه الوضع الصحي من تحديات جديدة تمنع بلوغ درجة تطّور مقبول، لابد من أن يسعى قادته لوضع حلول وبالتعاون مع جهات ومراكز عالمية، قادرة ومتمكنة في مجال أختصاصها، على المساهمةفي موضوعة  تطوير الطب والأطباء وابتداءا من المراحل الأولى لدراسةالطب. فالأهتمام بالطبيب لا يعني الاّ اهتماما بطالب الطب أيضا في مراحل الدراسة الأولية،وهو أهتمام علم وعمل وأخلاق مهنة.
ولابد من أن أشير هنا الى أن ما يميّز الحالة العراقية حيث أن هناك آلافا من الأطباء العراقيين الأكفاء الذين  يعملون في بلدان العالم المختلفةوالذين يتطّلعون لأن تتاح لهم الفرصة للمساهمة في تطوير التعليم الطبي في العراق والخدمات الصحية. ولذلك فلابد للمسؤول من أن لا ينسى دور هذه المجموعة من مغتربي الوطن المتميزين في تطوير الواقع الصحي. ويبقى أساس كل ذلك الأستقرار الأمني  والسياسي في الوطن، فهو الضمانة لأستمرار التقدم لأسعاد الأنسان.