23 ديسمبر، 2024 1:32 م

عن الشرعية والثورة نحكي ..!

عن الشرعية والثورة نحكي ..!

ثورات التغيير الحقيقي في تأريخ الشعوب لاتحتاج الى شرعية القوانين والدساتير ، فهي قائمة لتغييرها .
الثورة الروسية ضد القيصر عام 1917 لم تقم تحت راية القوانين عندما اقتحم الشعب الجائع والمظلوم قصور القيصر واعدموا العائلة القيصرية وتغير النظام من قيصري : حكم القيصر” الى النظام الشيوعي ، والثورة الفرنسية عام 1789 اقتحمت سجن الباستيل وسلّمت الحكم للبرجوازية الناشئة ، والثورة في تونس انطلقت عام 2010 وغيّرت النظام بتنحية زين العابدين بن على عام 2011 ، دون أن يأذن لها الدستور او القوانين بذلك ، وفي سريلانكا اقتحمت الحشود الثائرة مقر الرئيس، جوتابايا راجاباكسا، ومقر شقيقه رئيس الوزراء، ماهيندا،ما ادى الى فرارهما إلى جهة مجهولة ونتج عنه تغيير طبيعة النظام القائم ولم يحدث ذلك تحت قبة البرلمان او بتوصية من الادعاء العام ..واذا احتجت الى الكثير من الامثلة عليك عزيزي القارىء ان تذهب متفحصاً تأريخ ثورات الشعوب من اجل التغيير لتكتشف ماذهبنا اليه من ان الثورة الشعبية للتغيير لاتقوم او تنطلق من تحت سقف الدساتير والقوانين !
المدافعون اليوم عن الدستور والقانون ، في مواجهة ما اطلق عليها الصدر ” ثورة عاشورا ” هم انفسهم من داسوه بارجلهم تحت خيمة الاعراف السياسية التي لاعلاقة لها بالدستور ولا بالقانون ، واخطر امثلتها التي اسست لنظام طائفي ، التوزيع التعسفي للرئاسات الثلاث على المكونات ، الرئيس كردي ورئيس البرلمان سنّي والوزراء شيعي ، وهم انفسهم اكثر المدافعين عن هذا العرف السيء وحبسوا انفسهم داخله وصاروا يتقاتلون على تثبيته !
المحاصصة التي لم تذكر في الدستور ولا في أي قانون عراقي ماقبل ومابعد التغيير 2003 ، حوّلوها الى عرف من اعراف التغانم للوزارات والوكالات والمدراء العامون ، بل امتد التحاصص حتى الى القوات المسلحة والامنية والتي ينبغي ان تقوم على معايير الولاء للوطن والكفاءة المهنية وعدم التدخل في الصراعات السياسية !!
لم تبق مدة دستورية الا وخرقوها بحجة اعطاء الوقت للحوار وتجنب الصراعات ،والنتيجة المزيد من التشرذم والصراعات وصرنا بلا برلمان ولا حكومة كاملة الصلاحيات وبرئيس جمهورية معلق المستقبل والشكل والاسم !
وكانوا انفسهم يتفرجون على قتل ثوار تشرين بالرصاص الحي ، دون ان يتذكروا الدستور الذي يكفل حق التعبير عن الرأي والاحتجاج السلمي وعن مهمة القوى الامنية هي حماية المحتجين وليس العكس !!
الانتفاضة الآذارية المسلحة عام 1991 لم تكن بحاجة الى ان يباركها الدكتاتور صدام حسين ، لانها قامت على اساس التغيير ولم تكن بحاجة للاحتكام لقوانينه الجائرة او قرارات مجلس شعبه الكاريكاتيري المعلّب بانتخابات مزيّفة !!
الجماهير الثائرة والمحتجة الآن لاتحتاج الى الاحتكام الى الدستور المختلف عليه ولا القوانين التي يسنها قضاء يتعرض الى اشد انواع الضغوط السياسية باعترافه واعتراف قيادات سياسية من الصف الأول !
مايجري في الشارع الآن ثورة على نظام ميت سريرياً و فاسد مالياً وسياسياً وحتى اخلاقياً بمفهوم الاخلاق السياسية القائمة على احترام الشعب وحقوقه ..
مانخشاه ان تخان ثورة الجياع هذه ، كما تمت خيانة كل حركات الاحتجاج التي سبقتها منذ عام 2011 التي استخدموا ضدها حتى طائرات الهليكوبتر لإرعاب الثوار تحت نصب الحرية وهم يتفرجون عليهم باسم الدستور والقانون !!
من يحمي الثورة ويصونها من الصفقات السياسية المحتملة ؟
من سيجهض الثورة ويوقفها عند منتصف الطريق ؟
سؤالان ستجيب عليهم تطورات الاحداث القادمة !