18 ديسمبر، 2024 9:12 م

عن السياسي العراقي المهزوم

عن السياسي العراقي المهزوم

يتهافت السياسيون بصغيرهم وكبيرهم للقاء أي مسؤول يزور بغداد، بل يحاولون أن يُكدّسوا أجسادهم في صور للذكرى تجمعهم بذلك المسؤول، عبودية غريبة إعتاد عليها السياسي الذي يكون في سَرديات السلطة.

يتسابق المسؤولون بطوابير للقاء الضيف وكأنها فرصة مُميّزة تُتاح لهم لإثبات السلطة أو الزعامة لذاتهم.

إبتسامات متبادلة أو حتى مُزيّفة وتشابك أيادي يوحي للمشاهد أن عُقدة المؤامرة التي كانوا يُوهمون بها جماهيرهم والدسائس التي كانت تُحاك إلى وقت قريب من قبل الدول التي تحتضن بغداد زعاماتها هي مجرد أوهام وخُدع بصرية، كانت السلطة تصنع عدواً مزيفاً لتحشيد الجماهير ضده.

زيارة تميم بن حمد أمير قطر إلى بغداد ولقائه حشد من المسؤولين لم يخلو من إستغراب العراقيين في ضم هذا الجمع عدد من السياسيين الذين أثار حضورهم أكثر من علامة إستفهام من مغزى ذلك التواجد.

خميس الخنجر رئيس تحالف السيادة ونجله سرمد كانوا من ضمن الحاضرين للقاء بن حمد إضافة إلى مسرور بارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان ومحمد الحلبوسي رئيس البرلمان ومحمد شياع السوداني رئيس الوزراء.

يمكننا تبرير إستقبال رئيس الوزراء والبرلمان لرئيس دولة أو حتى زعيم كردي يحضر الإستقبال، لكن ما هو تبرير شخصية سياسية ونجله لحضور ذلك اللقاء وليكن السؤال بالوجه الآخر وهو هل أُختُزِل المكون السني بهؤلاء السياسيين في هذا اللقاء أو ربما كان إيحاءً قطرياً أنها داعمة لهؤلاء في قيادة المكون، ثم بِربِكم ما هو وجه التوازن السياسي بين سرمد نجل خميس الخنجر والسوداني رئيس وزراء العراق في صورة تجمعهما جنباً إلى جنب مع أمير قطر؟.

عُقدة الدونية التي تنتاب أغلب الشخصيات السياسية تجعلهم يفقدون بوصلة التوازن بين متطلبات الزعامة وشروط البروتوكولات الدبلوماسية في إستقبال الضيوف.

إلى وقت قريب كانوا يُذكّروننا بأن تلك الدول راعية للإرهاب وأنها مصدر الخراب فسبحان الذي جعلهم يتبادلون الإبتسامات والصور ويتشابكون الأيادي.

هؤلاء يطلبون منا أن ننظر إلى الأمام والمستقبل وكأننا كنا نسير إلى الخلف.. فعلاً كانت حياتنا تعود بها الخطوات إلى الخلف في ظل سطوتهم، قبلها إتهموا السعودية والإمارات بتدبير إنقلاب لنظامهم السياسي يقوده طحنون بن زايد رئيس المخابرات الإماراتي من خلال التلاعب بنتائج الإنتخابات البرلمانية التي جرت في العاشر من تشرين الأول عام 2021، غرائب السلطة في العراق أنك لا تعرف مع أو ضد من.

الذات المأزومة التي تستقر في قعور أغلب الشخصيات السياسية وهي تتسابق للقاء أي ضيف يزور بغداد وإلتقاط الصور معه لا زالت بدرجة الإدمان حيث لم تُغير حياة السلطة تلك النفوس.

يتحدث البعض أن ذلك يعود لغالبية السياسيين الذين لا يملكون سلطة قرارهم حيث دائماً ما يكون من خارج الحدود.

محاولات السياسيين للتسابق في إستقبال ضيوف العراق والصور التذكارية التي تكتظ بأعدادهم توحي هشاشة السلطة وإستصغار السياسي أمام ضيفه.

لقّنوا جماهيرهم درساً بليغاً أو حكمة لاتُنسى وهي أن لا يرموا حجراً في بئر فربما يأتي يوم يحتاجون أن يشربوا من ذلك البئر.

زيارة بن حمد للعراق لا تحمل إتفاقيات إقتصادية فقط، بل تتعداها إلى تسويات قد تتخلل إلى المشهد السياسي القادم من خلال إرجاع بعض الوجوه التي غادرت العراق مثل طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية الأسبق وعدد من القيادات التي إستقرت في دولة قطر ممن صدرت بحقهم مذكرات قبض كما تشير بعض المصادر.

في كل الأحوال هو العراق الحاضر بغرائبه وعجائبه ومهما قيل عنه ويقال تبقى الكثير من الأسئلة دون إجابة في ذلك الوطن الغائب عن وعيه.