الاتفاق الذي توصل إليه المجلس العسكري ، وبين أوساط المعارضة الحزبية والمدنية والنقابية وقوى الحرية والتغيير في السودان ، على تشكيل مجلس سيادي يقود البلاد خلال السنوات الثلاث القادمة ، هو خطوة متقدمة على دروب التغيير نحو ارساء التعددية والديمقراطية في المجتمع السوداني ، كأحد منجزات حركة الاحتجاج والكفاح ، التي حققت انتصارًا مهمًا بعزل الرئيس السوداني عمر البشير في شهر نيسان المنصرم .
والحقيقة أن هذا الاتفاق ليس انتصارًا تاريخًا باهرًا لأحد الطرفين ، وإنما هو خطوة مهمة لتقاسم الأدوار والوظائف وتشكيل المؤسسات الانتقالية خلال الاعوام المقبلة .
ولكن رغم هذا الاتفاق إلا أن الصراع بين المجلس العسكري وبين قوى المعارضة والتغيير سيظل بينهما حتى يتم الحسم الأخير الواضح لمصلحة أحد الاطراف .
ولعل أبرز تحدٍ يواجه السلطة الانتقالية هو تصفية نظام ” الاسلاميين ” ومحاسبتهم ، ومعالجة الأزمة الاقتصادية الطاحنة ، وتفكيك مؤسسات الحكومات السابقة .
وبلا شك أن المرحلة الانتقالية القادمة هي بمثابة امتحان للثقة بين الطرفين بأهمية ما حققوه معًا ، على أساس الائتلاف والقواسم المشتركة ، والأيام القادمة قادرة على الاجابة عن السؤال : هل سينجح الطرفان ويفلحان في ترجمة ما توصلا إليه من اتفاق بينهما على ارض الواقع ، وانجاز التحديات الكبرى ، مثل تحسين الأحوال الاقتصادية للبلاد وللشعب السوداني ، وتنفيذ برنامج عدالة انتقالية تعالج آثار الحرب ، وتحرير وبناء المؤسسات الاسنادية اللازمة لعمليات التحول والانتقال الديمقراطي ..!!