18 ديسمبر، 2024 7:44 م

عن الجزء الثاني لكتاب – الادب الروسي والعالم العربي

عن الجزء الثاني لكتاب – الادب الروسي والعالم العربي

صدر الجزء الثاني لكتاب – ( الادب الروسي والعالم العربي ) بقلم المستشرقة الميرا علي زاده عن معهد الاستشراق التابع لاكاديمية العلوم الروسية عام 2020 , ولكن – ومع الاسف الشديد – بعد موتها , اذ انها رحلت عام 2019 عن عمر يناهز 79 عاما . لقد صدر الجزء الاول من هذا الكتاب عام 2014 ( انظر مقالاتنا الخمس بعنوان – العراقيون في كتاب الادب الروسي والعالم العربي ) , والذي يعّد واحدا من أهم المصادر الاساسية حول الادب الروسي في العالم العربي وتاريخ العلاقات العربية الروسية الادبية , وكيف تناول الادباء والباحثون العرب الادب الروسي منذ اواسط القرن التاسع عشر والى بداية القرن الحادي و العشرين , وهو جهد علمي هائل وفريد من نوعه في مجال العلاقات الثقافية العربية – الروسية أنجزته المرحومة الميرا علي زاده طوال سنين طويلة من عملها في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية . لقد تحدثت المستشرقة في الجزء الاول من كتابها عن نتاجات الادباء الروس في القرن التاسع عشرمن بوشكين وتورغينيف وتشيخوف …الخ , اما الجزء الثاني من هذا الكتاب , فكرّسته للحديث عن تولستوي ودستويفسكي فقط.
يقع الجزء الثاني لكتاب – الادب الروسي والعالم العربي في 382 صفحة من القطع المتوسط . ويحتوي على فصلين , الفصل الاول بعنوان – ليف تولستوي غازي الشرق العربي ويتضمن اربعة أقسام هي – على مشارف المجد في العالم العربي ( نهاية القرن 19 – اوائل سنوات القرن العشرين ) , ثم , تولستوي فنانا في مركز اهتمام الادباء العرب في السنوات 1920 – 1940, ثم , الترجمات الجديدة والنقد في النصف الثاني للقرن العشرين , ثم , تراث تولستوي الابداعي في الشرق العربي في القرن الحادي والعشرين . الفصل الثاني من الكتاب بعنوان – حياة وابداع دستويفسكي بعيون العرب , ويتضمن خمسة أقسام هي – الترجمات الاولى ( بداية القرن العشرين ) , ثم ,التاثير على الادباء العرب في سنوات 1920 – 1940 , ثم , ابداع دستويفسكي بتفسير وترجمات الباحثين العرب في سنوات 1950 – 1990 , ثم , علاقة القراء في سنوات 1970 – 1990 , ثم , دستويفسكي والادب العربي في نهاية القرن العشرين – وبداية القرن الحادي والعشرين . وتاتي بعد ذلك قائمة بالمصادر ( من ص 331 الى ص 365 ) وهي باللغتين الروسية والعربية مع ملحق خاص بالمجلات العربية . وتختتم المستشرقة الميرا علي زاده كتابها بقائمة لاسماء الاعلام التي وردت في الكتاب ( من ص 365 الى ص 382) , ثم تأتي الخلاصة للكتاب باللغات العربية والانكليزية والفرنسية .
من الواضح للقارئ (حتى من هذا العرض السريع لفهرس الكتاب) سعة هذا الجهد العلمي الكبير , الذي بذلته المستشرقة المرحومة , وكيف انها استطاعت فعلا ان تغطي مرحلة زمنية واسعة من النشاطات الفكرية , التي قام بها الادباء والباحثون العرب لتعريف القارئ العربي بانجازات الادباء الروس الكبار , ولا نظن , ان هذه السطور الوجيزة يمكن ان تفي هذا الكتاب حقه , ولهذا , فاننا نريد ان نقترح – قبل كل شئ – ان يكون هذا الكتاب مرجعا اساسيا في كل الاقسام الروسية في جامعات العالم العربي , مرجعا يستخدمه اساتذة تلك الاقسام في عملية تدريس مادة الترجمة الادبية في الدراسات الاولية والعليا ( من الروسية الى العربية وبالعكس ) لطلبتهم , واتمنى ان يكون هذا الكتاب يوما ما مصدرا محوريا لاطروحة ماجستيرعندنا , تتناول موضوع تاريخ العلاقات الثقافية العربية الروسية .
نحاول – في ختام هذا العرض الاوليّ الوجيز جدا للكتاب – الاشارة فقط الى بعض الاسماء العربية التي وردت فيه , والتعليق قليلا على ما جاء حولهم في هذا العمل الموسوعي . الاسم الاول , الذي نتوقف عنده هو طه حسين عميد أدبنا وأجيالنا, فقد أشارت المستشرقة الى كتابه الموسوم – ( صوت باريس ) الصادر عام 1943 في القاهرة , حيث كتب فيه انطباعاته عن تولستوي , وترجمت الى الروسية مقاطع مهمة من ذلك الكتاب . الاسم الثاني هو سامي الدروبي , الذي أشارت اليه المؤلفة في ثمانية مواقع في كتابها , اذ كيف يمكن الكلام عن دستويفسكي في العالم العربي دون التوقف عند سامي الدروبي , الذي نحت لنفسه تمثالا عربيا شامخا من نتاجات دستويفسكي . الاسم الآخر الذي اريد التوقف عنده هو حياة شرارة , الرمز الابداعي الساطع لقسم اللغة الروسية الحبيب في جامعة بغداد , فقد اوردت المستشرقة ما كتبته حياة شرارة حول تولستوي بسبع صفحات كاملة….. وكان بودي طبعا ان اتوقف – ولو سريعا – عند اسماء اخرى من المبدعين , لكن العين بصيرة واليد قصيرة يا اكرم فاضل وعلي الشوك ومحمد يونس ومحمود احمد السيد و نجيب المانع وبقية اسماء الادباء والباحثين الكبار من العراق ومن البلدان العربية الشقيقة الاخرى , الذين ورد اسمهم في هذا الكتاب …
الرحمة والغفران للمرحومة الميرا علي زاده ( 1940 – 2019 ) , والصبر والسلوان لنا جميعا على هذه الفاجعة التي اصيبت بها حركة الاستشراق الروسية , وسيبقى اسمك خالدا يا الميرا علي زاده , لأنه يرتبط ببحوثك وكتبك التي تحوّلت الى مصادر اساسية دائمية في حدائق مكتبة العلاقات الثقافية العربية – الروسية …