23 ديسمبر، 2024 6:50 ص

عن الاهتمام الدولي بالملف النووي

عن الاهتمام الدولي بالملف النووي

لم يعد خافيا على أحد بأن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية يواجه أوضاعا غير عادية ويمر بواحدة من أكثر المراحل حساسية وخطورة منذ تأسيسه ولاسيما وإن دوره وبعد تنصيب ابراهيم رئيسي بإنتظار أن يخرج النظام من أزماته ويدفعه لبر الامان، لم يطرأ عليه تغيير يذکر بل وإنه وعلى مختلف الاصعدة لم يعد فعالا ومٶثرا كما كان خلال الاعوام السابقة، وهو أمر يمكن ملاحظته ويتم التطرق إليه بصورة ملفتة للنظر من جانب المراقبين السياسيين. وهذه الاوضاع ليست بسبب من العقوبات الاميركية فقط، بل إن هناك أمورا أخرى لا يمكن تجاهلها والتغاضي عنها من حيث تأثيرها على هذا النظام.
ملف العقوبات الاميركية ومانجم عنها من عزلة دولية ومع كونها قد وجهت ضربة موجعة وبالغة التأثير للنظام، ولكن هناك ثلاثة ملفات أخرى لا يمكن إغفال دورها وتأثيرها في دفع الاوضاع في إيران نحو المرحلة الحالية، وهذه الملفات هي البرنامج النووي والتدخلات في المنطقة والاحتجاجات الشعبية المتواصلة وكل واحدة من هذه الملفات كان لها دورها وتأثيرها الخاص على النظام من نواح مختلفة.
البرنامج النووي الذي صرف النظام الايراني مبالغ طائلة والذي وصل الى مرحلة حرجة وحساسا خصوصا على أثر الاجتياح الروسي لأوکرانيا وآثار وتداعيات ذلك على محادثات فيينا والاتفاق النووي المنتظر، ولاريب من إن الآثار والجوانب السلبية المتداعية عن البرنامج النووي قد تركت آثارا بالغة السلبية على الاوضاع الاقتصادية والمعيشية للشعب الايراني الذي كان يواجه في نفس الوقت ممارسات قمعية وهو ما جعله يضيق ذرعا بهذه الاوضاع ويتحرك ضد النظام، غير إنه هناك الکثير من تقارير صحفية وحتى تصريحات من جانب مسٶولين إيرانيين، تشير الى إن الشعب الايراني لم يعد يعول على الاتفاق النووي کمنطلق لحل مشاکله خصوصا بعد تجربته المرة مع الاتفاق النووي للعام 2015.
الاحتجاجات الشعبية التي أخذت سياقا غير عادي وإتخذت طابعا منظما ذا صبغة سياسية واضحة بعد إنتفاضتي أواخر عامي 2017، و2019، وصلت من حيث التأثير على النظام الى حد إن القادة والمسٶولين الايرانيين أكدوا وبصورة ملفتة للنظر عن إحتمال سقوط النظام في حال إندلاع إنتفاضة کبرى من جراء الاوضاع الحالية السيئة، وهو هاجس لا يزالون لحد الان يتحدثون عنه. أما التدخلات في بلدان المنطقة، فيكفي القول بأنها قد کلفت الخزينة الايرانية أموالا طائلة تجاوزت سقف ال200 مليون دولار، فإنها “أي التدخلات” قد إصطدمت برفض شعبي من جانب شعوب ودول المنطقة مثلما إنها أثارت غيض وحنق الشعب الايراني الى حد ترديده لشعارات تندد بصراحة بالغة بهذه التدخلات وتطالب بإنهائها الى جانب إن هذه التدخلات قد أدت بالاضافة للخسائر المادية الجسيمة والفادحة الى خسائر روحية لم يكن بوسع السلطات الايرانية إخفائها.
ولذلك فإنه إذا ماکانت هناك من رغبة دولية عموما وأمريکية بوجه خاص، فإنه يجب التصرف مع هذه الملفات کلها بنفس القوة والعزم وليس الاهتمام بالملف النووي وإهمال الملفات الاخرى!