كم يَسهل خداع المرء، وماسهولة إخفاء الوجه الحقيقي للإنسان، يا للمنافق ما له من اساليب يخدع بها الاخرين، ويظلل حتى أقرب الناس إليه، واعرفهم به، ذلك الشخص الذي لامصداقية له، ولاكلمة حق لديه، قناعه مصنوع بشكل احترافي، حتى إنه لا يبان أنه كان كذلك، إلا في الموقف الحاسم!
أجمل الاوقات القاسية، هي تلك المرحلة التي يسقط بها القناع، ويُكشف فيها حقيقة مافي الباطن، وزيف الظاهر، المرحلة التي يُعرف بها حقيقة المرئ، وما كان يخبأه ويحويه من خبث وحقارة!، الوقت الذي تعرف أن أقرب الناس إليك، أشدهم حِقداً عَليك، وكُرهاً لكَ!، ساعة تكتشف فيها إن بعض اعدائك، لم يستخدموا أساليباً يستخدمها اليوم من كانوا يُسمَون سابقاً؛ إخوتِكَ!، ساعة ترى حجْمَ اوهامك في الآخرين، وتعرف نفسك كم كنت مخدوعاً بمن هم حولك، ومن كنت تظنهم منك!
تفضيل المصلحة على مايراه حقاً، أبرز مايكشف المنافق في اللحظة الحاسمة، فعلى الرغم من معرفته بالاتجاه والطريق القويم، تجده يسلك طريق الباطل، لأن في الباطل مصالحهُ الدُنيوية، ومَايُريدُ من مَنفعةٍ لنفسهِ لا لقوم مساكينَ بحاجةٍ إليهِ، فالمناصب عندهُ أولى، وما يخدمهُ هو الأهم، وللمساكين الله..!
التحايل على النفس، وأخذ ماهو ليس لك، بحجج تعرف إنها ليست حقاً، غدرٌ ودناءة، وإبعاد أهلِها الحقُّ عنها، ومحاولة جرهم لصراعٍ من أجلها، فظاعة ووقاحة!، أسَاليبُ المنافق الغادر تلك، فضَحت أمره، وأكدت الشكوك التي تولدت ساعة الفعلة الأولى، ودُعمت بالثانية، وأَثْبتت الثالثة أنها حقيقة فعلاً!
بيان الباطل، ضعيفٌ أمامَ الحق، بل وعادة مايكون دعم لِحقِ الحق، وبتلك الحجج الكاذبة، يبدأ القِناعُ بالتساقط شيئاً فشيئاً؛ كـ هُمَام الثلج تماماً، وحين ينتصر الحق ويُخذَلُ الباطل؛ يبدأ انهيار كل ماكان للباطل من دعائم، حتى الجِلالُ الذي كان يغطيه، ويستقوي به، والصدر الذي كان يَحويه ويحميه، لاشيء سيبقى، فنحن الذين نؤمن بالعدل الإلهي؛ نعرفُ أن ماكان لله ينمو، وما دونه لا بقاء له..
ليست المشكلة في تغيُّر القناعة، ولا الخلاف في وجهات النظر، وهي حقٌ مشروع، وشيء يحدث للعالمين أجمع، بل وليست في التخلف عن سلوك ماتعتقدهُ حقاً، وليست في ذهابك لما هو ضِده، بقدر ما إن المشكلة في محاربتك للحق الذي تَراه، في سبيل مصالحِكَ في الباطل الذي تعرفُه!
تبقى الحكمة منجيةً للحقِّ؛ فهي التي لاتقودهُ للمهالك، وهي من تجنبه الصراع الذي يدعوا إليه الآخرين، بقصد أو دون قصد، وهي التي لاتتوفر عند ضده الباطل، ورجال الحق معروفون بحكمتهم، وهو مايتضح من تجنبهم الردَ على أساليب الباطل الداعية للشَّر، بنفس الأساليب.. ولأهل الحق ميزة؛ حلمهم وصبرهم، فهم يؤمنون أن الله معهم وصاحبهم، وان النُصرةَ لهم عاجلاً ام اجلاً، والبَاطل لابقاء له مهما فعل، ومهما قويَ..