الدفاع عن المسلمين و العمل من أجل وحدة المسلمين و المحافظة عليها و التقريب بين المذاهب، کانت ولازالت شعارات أساسية يتم تداولها في وسائل الاعلام الايرانية و تٶکد عليها و بصورة مستمرة مختلف الاوساط السياسية في طهران، وهذه الشعارات وإن لقت صدى کبيرا في قلوب و نفوس الامتين العربية و الاسلامية على حد سواء، لکن ومع مرور الاعوام، صارت الصورة مغايرة في الاذهان و لم يعد هناك من يصدق فعلا بهذه الشعارات.
الدعوة لوحدة المسلمين و الدفاع عنهم صارت موادا في الدستور الايراني، کما إن التقريب بين المذاهب قد قام نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بفتح مٶسسة معنية بهذا الامر، لکن الذي جرى و حدث لحد الان، هو إن هذه الامور قد تم تجييرها و أدلجتها ضمن سياقات و إتجاهات سياسية ضيقة تخدم الرٶى و التوجهات الفکرية لهذا النظام، خصوصا بعد أن لمست شعوب و دول المنطقة و العالم، إن التوجهات الايرانية لاتجري بصور و صيغ و نوايا سليمة، ولعل ماحدث و يحدث على يد طهران في العراق و سوريا و اليمن و لبنان و البحرين و السعودية و غيرها، تبين و بمنتهى الوضوح، إن طهران لاتسعى لتطبيق تلك الشعارات من أجل الاسلام و المصالح العليا للأمة الاسلامية، وانما من أجل تنفيذ مخططات سياسية محددة ضمن مشروع سياسي ـ فکري يهدف الى إقامة مايمکن وصفه بإمبراطورية دينية مٶدلجة على حساب شعوب و دول العالمين العربي و الاسلامي.
نصرة المسلمين ضد الانظمة الاستبدادية، و مظلومية الشيعة، شعاران مشبوهان آخران تم إطلاقهما من طهران أيضا، والاول إستهدف تأليب الشعوب التي غالبيتها من السنة ضد الانظمة السياسية القائمة، و الشعار الثاني، إستهدف تأليب الشيعة في البلدان العربية و الاسلامية ضد الانظمة السياسية القائمة و سحبهم تحت ظل العباءة الدينية الطائفية في طهران، وليس هناك من أي شك بأن طهران عملت و تعمل من أجل جعل مرجعية کافة الشيعة في العالم عموما و في دول العالمين العربي و الاسلامي خصوصا، تخضع و تنقاد و تدين بالولاء للنظام القائم في طهران، وهذا الامر سبب و يسبب الکثير من المشاکل و الازمات الحادة في المنطقة.
الادعاء بالدفاع عن المسلمين و العمل من أجل وحدتهم و التقريب بين المذاهب، هذه الشعارات، تبددت و تبخرت من أذهان و عقول الشارعين العربي و الاسلامي، خصوصا عندما سمعوا و شاهدوا الظلم و الاضطهاد و التمييز الفاحش الذي تعرض و يتعرض له أهل السنة من الشعب الايراني ذاته، ولعل أخبار حملات الاعدامات المتتالية التي تنفذ بحقهم في مناطق سيستان و بلوشستان و کردستان و ترکمان صحراء، هي أبرز دليل عملي من الواقع لإثبات هذه الحقيقة، علما بأن زعيمة المعارضة الايرانية النشيطة، مريم رجوي، قد أعلنت ومن خلال مٶتمرات دولية أقيمت في البرلمان الاوربي و غيره من المحافل الدولية البارزة، من إن أهل السنة في إيران يتعرضون لحملات تصفية و إبادة على يد هذا النظام، وفي السياق نفسه، فقد کان هناك أيضا نداءات من جانب أئمة و علماء المسلمين من أهل السنة في داخل إيران موجهة للمرشد الاعلى لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية تطالبه فيها بوقف حملات التمييز و الابادة و الاعدامات، والتي کان آخرها رسالة مفتوحة بعث بها الشيخ مولوي عبدالحميد إسماعيل، إمام وخطيب أهل السنة في إقليم بلوشستان جنوب شرقي إيران الى المرشد الاعلى و التي أعرب فيها عن قلقه تجاه تقارير تحدثت عن تسريع إعدام سجناء أهل السنة في إيران.
إستهداف أهل السنة من الشعب الايراني و زرع بذور الشقاق و الاختلاف بين المکونات الدينية و المذهبية في المنطقة، هي ممارسات مرفوضة و مدانة و تثبت حقيقة إن مايقال في طهران هو غير الذي تقوم به و تفعله داخليا و على صعيد المنطقة، وقطعا فإن هذه الممارسات لايمکن أن تستمر من دون رد و مساءلة.