عندما تجادل الاسلاميين عن حلهم، ونموذجهم، وتواجههم بافغانستان، وايران، والسعودية، والعراق، والصومال، والسودان، وغيرها. تجدهم يتعللون بان هذه الدول لا تطبق الاسلام الصحيح . مع العلم، ان الحاكمين هناك من نفس الطينة، والمبادئ، والشعارات، والمشارب، والمرجعيات. يبررون، ماحصل من تخلف بابتعاد “الامة” عن اتباع امثلة “السلف الصالح”. ويروون لك قصص منفردة، مفتعلة، مختلقة، منزوعة من سياقها التاريخي. ولكن من هم السلف الصالح ياتري؟ لو اتفقنا ان السلف الصالح هم الصحابة، والخلفاء الراشدين، او الخلفاء المشهورين، الذين يعتز الاسلاميون بهم ويطرحونهم رموزا للعدالة الاجتماعية. فاذا تصفحنا التاريخ، كما وقع، لا كما يحب ان يرويه السلفيون لوجدنا الهول. لا نجد ما يفتخر به المرأ، او يعتز به المسلم. فالمسلمون الاوائل بدأوا نشاطهم كقطاع طرق للقوافل التجارية، وفرضوا الاتاوات عليها، وحاربوا القبائل، التي لم تستجب للاسلام، واستباحوا اموالها، ونسائها. استعمروا المدينة، التي استقبلتهم بعد الهجرة، وفرضوا عليها قوانينهم، وتصرفوا مع اهلها كغزاة محتلين جزاء استضافتهم. وهاهي عصابات الاسلاميين تقوم اليوم بالخطف، والنهب، والسرقة، والسطو، والابتزاز لتمويل عملياتهم الارهابية، وتسميها غزوات!
انهم يتشبهون باسلافهم، الذين يسموهم صالحين، ولا ندري اي صلاح، في ان يترك ابو بكر جنازة صديقه، واخيه، ونبيه، ويجمع اصحابه في السقيفة لينصب نفسه خليفة على المسلمين. ثم يقتل كل من عارض خلافته، حتى لو كان من الصحابة، وحفظة القرآن. وقد وصل به الامر الى حد استباحة نساء المسلمين تحت ماسمي “حروب الردة”! فقط لان الناس ارادوا استخدام اموال الزكاة في مناطقهم بدل ارسالها الى مكة لتوزع على اغنياء قريش. اي ان “المرتدين” سبقوا اوربا بالف واربع مائة سنة، بالمطالبة بالنظام اللامركزي.عمر بن الخطاب، الذي يسموه العادل، والفاروق يدور بعصاه (الدرة) ويضرب الناس، وكانهم دواب. لم يبق احد في مكة لم يشتك من غلاضته. وقصة اشعاله النار لامراة جائعة هي، واطفالها تعني، انه لم يحقق العدل، والكفاء، والمساواة، الذي وعدهم به الاسلام، ويدعي الاسلاميون الان انهم سيحققوه، ولم تحققه اي دولة اسلامية لاحديثا، ولاقديما. ان منظر المجاعات والجياع في الصومال، والسودان الذي يطل علينا يوميا عبر شاشات التلفزيون كان موجودا اذن في زمن عمر وغيره من الخلفاء حسب رواياتهم. اما عثمان بن عفان فمثله مثل اي ملك ظالم، مثل صدام، والقذافي، ومبارك، وعلي عبدالله صالح، وماركوس، والشاه اعتبر ان املاك الدولة (خزينتها العامة) ملك شخصي له ووزعه على اهله، وعائلته، واصدقائه. ولما اعترض صديق النبي محمد، وحافظ قرآنه، وحديثه عبدالله بن مسعود كسر اضلاعه. وعندما اعترض اصدق المسلمين، واكثرهم مطالبة بالعدل الاجتماعي ابي ذر الغفاري جلده، ونفاه الى الصحارى.علي بن ابي طالب قضى كل ايام حكمه حروبا، لازالت مستمرة حتى الان. اما جرائم معاوية بن ابي سفيان، فمعروفة. فقد رفع القرآن على اسنة الرماح، وقصف الكعبة بالمنجنيق، وسبى واستباح نساء مدينة نبيه. وفرض نفسه عليهم، وعلى بقية المسلمين، وغير المسلمين خليفة بقوة السيف، والارهاب. معاوية دس السم للصحابي مالك بن الاشتر، والحسن بن علي بن ابي طالب. قتل الثائر محمد بن ابي بكر الصديق، واحرق جثته في جوف حمار. اي منهم سلف صالح يا ترى؟ واليه على العراق الحجاج بن يوسف الثقفي، السفاح الذي قتل مئات الالوف من العراقيين المسلمين؟ ام ابنه يزيد الفاسق، الذي ذبح اهل بيت النبي، وجز رؤوسهم، وحملها على الرماح، وهو امر لم تفعله العرب قبل الاسلام؟ ام قائد جيشه سعد بن ابي وقاص، الذي احرق خيام بنات النبي، وحفيداته وهو يصرخ:”لا تبقوا لاهل هذا البيت باقية”؟! ام الشمر بن ذي الجوشن الذي جز رأس الحسين حفيد النبي، وسبى حفيدة محمد زينب بنت علي؟! ام ابو العباس السفاح الذي دشن حكم العباسيين بمجزرة رهيبة منحته اسمها؟ كل الخلفاء، واغلب ولاتهم، ان لم يكونوا كلهم، الذين جاءوا بعد محمد من ابي بكر حتى سقوط الخلافة العثمانية اياديهم ملطخة بدماء الشعوب مسلمين، وغير مسلمين فعمروا بن العاص ذبح اقباط مصر بالالاف. واخرين سبوا الصابئة، واليهود، ومسيحيي العراق، وسوريا، وفلسطين رغم انهم من اهل الكتاب. السلطان العثماني مراد الاول ذبح في يوم واحد مئات الالوف من اهل بغداد عندما غزاها. اذا كانوا هؤلاء اسلافكم الذين تفخرون بهم، فكيف ستكون افعالكم وانتم اليوم تملكون الاسلحة الاتوماتيكية، والكيمياوية، والجرثومية والقنابل، والطائرات؟ ستعلونها حربا على العالم حتى ينتهي بني البشر.
تاريخ سلفكم لاينسجم مع منطق الحضارة اليوم فنظام الحدود، وقطع الايدي، والرجم، والصلب، والحرق، وسمل العيون، والعبودية، والجواري، والموالي، والغلمان اعمال بربرية، وتعتبر جرائم ضد الانسانية الان. الشعوب تثور اليوم من اجل الحرية، والديمقراطية، ولم يكن بين سىلفكم حاكم واحد منتخب بشكل حر. كلهم جاؤا بالسيف، والتأمر، والمكر، والخديعة.كلهم كانوا حكاما مطلقين جمعوا كل السلطات، والثروات بايديهم، كاي ملك مطلق الصلاحية. كل خلفائكم “الراشدين” ثار الناس عليهم، وقتلوا باشكال مختلفة. شهدت فترات حكمهم فتن، ودسائس، وحروب، وتسميم، وقطع اطراف، وسلخ الجلود، ونفخ الابدان. لقد اجتاح يزيد بن معاوية مدينة نبيه، واستباح نساء، وبنات الصحابة، حتى حملت الف عذراء. لقد نكسوا معارضيهم، ومخالفيهم في الابار، اوالقوهم من شواهق الجبال، او تركوهم يموتون تحت شمس الصحراء. فعلها ابي بكر، كما فعلها اخر خليفة عثماني. هؤلاء، واقتداءا بالسلف الصالح، ورشدهم ابتكروا القازوق، وغيرهم من “محاسن” السلف. هل سلفكم الصالح من فروا في غزوة احد؟ ام العبد “وحشي” قاتل الحمزة عم النبي، و”سيد الشهداء”؟ ام تقاتلهم على الغنائم في كل الغزوات، التي تفتخرون بها، وتجددونها اليوم في افغانستان، وباكستان، ونيجريا، والعراق، والسودان، والصومال، واندونيسيا، واسبانيا، وتنزانيا، ولندن، والهند وغيرها، وغيرها؟ اسلافكم كانوا عنصريين، متعصبين، حصروا الحكم بالعرب، و”الخلافة في قريش”. فرضوا العربية على كل الاقوام. لم يغيروا شيئا في القوانين البربرية، التي كانت سائدة قبل تسيدهم على الشعوب “فالعين بالعين، والسن بالسن، والانثى، بالانثى، والحر بالحر، والعبد بالعبد” وهكذا. حقد اسود، وتعطش للدماء:”اقتلوهم حيث وجدتوموهم” وثأرشخصي اعمى لم يسبقه مثيل:”اقتلوه حتى لو كان متعلقا باستار الكعبة”. قتلوا الاطفال، والمجانين، واغتصبوا العذارى غلية. منعوا الخروج على الحاكم، حتى لو كان ظالما، مستبدا. ها هم شباب “الامة” اليوم يتصدرون ثورات الشعوب، التي تطيح بحكامها، ليأتي السلفيون، ويحكموهم بامر الله! واقتدائا بالسلف الصالح كما يعلنون!
اذا كان اولئك هم اسلافكم. لا نريدكم ولا نريد جرائمكم.
للحديث صلة