21 ديسمبر، 2024 7:49 م

عن أية عاصمة للسياحة تتحدثون!؟

عن أية عاصمة للسياحة تتحدثون!؟

فرحت كثيرا وأنا أقرأ الخبر الذي نشرته الصحف المحلية في 13 /8/ 2024 ( البينة الجديدة ، المدى ، رابطة المجالس البغدادية ، وموقع صوت العراق) ، عن أكمال الحكومة العراقية للملف الخاص بأختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية لعام 2025 والمتكون من 30 صفحة! ، حيث هناك فرصة طيبة للفوز بذلك ، حسب تصريح السيد (عمر العلوي/ مستشار رئيس الحكومة لشؤون السياحة والأثار والمغتربين) ، وأضاف العلوي بأن الملف سيقدم الى مجلس الوزراء العرب خلال الشهر الجاري! ، وستولي وزارة الخارجية العراقية أهتماما كبيرا وتحركا دبلوماسيا نشيطا للموضوع ، لأستحصال الأصوات اللازمة لفوز العراق بذلك! . وأكدت الأخبار عن تحضير اللجان المهنية والكوادرالمتخصصة من هيئة السياحة والأثار ووزارة الثقافة وأمانة بغداد وكل الجهات ذات العلاقة ، كما وتشكلت لجنة بأمر ديواني من قبل دولة رئيس الوزراء لمتابعة تفاصيل العمل ، ((وجاء في الأخبار والتصريحات التي وردت على لسان المسؤولين في السياحة والأثار وأمانة بغداد ، أن الغاية من ذلك ، هو لجذب الأستثمارات السياحية الكبيرة ، وتحسين البنية التحتية ، وكذلك لأستعادة بغداد لدورها السياحي والثقافي والريادي في المنطقة ، الذي سينعكس على المردود الأقتصادي الوطني ، ومن الطبيعي ستكون هناك مؤتمرات وندوات وورش عمل متعددة لمناقشة كافة التفاصيل)) ، الى هنا أنتهى ملخص ماجاء في الموضوع . وبقدر الفرح الذي شعرت به وأنا أقرأ هذه الأخبار والتحضيرات و و و ، ولكني لم أستطع أن أخفي تعجبي عن الموضوع بكل تفاصيله!! ، حيث قرأت ومن خلال ومن بين السطور التي نقلت الخبر، وكأن العراق قد أخذ ضمانة بالفوز بذلك!!؟ ، فلو كان الأمر يتكلم عن ترشيح العراق لعام 2030 على سبيل الفرض لما أخذني العجب بذلك! ، ولربما أقول أن 5 او 6 سنوات من العمل الجاد والمثمر والدؤوب وعلى كافة الأصعدة وبأيادي موظفين وكوادر متخصصة ومهنية ، وبعد تهيئة كافة المستلزمات والأستعدادات لذلك ، تكون كافية ولربما ننجح بأن نجعل من بغداد عاصمة للسياحة العربية ، ( وناخذ الشغلة بذراعنه كما يقال!) ، أما أن نتفاجأ وبهذه السرعة وبهذه العجالة وتقديم ملف فني متكامل من 30 صفحة! ( ولو أني تصورت أن الملف سيكون ب 200 أو 300 صفحة!!) ، فليسمحوا لي كل الأخوة والأساتذة المحترمين ، ممن ستقع عليهم مسؤولية الأشتراك بهذا العمل الجبار! نعم انه عمل جبار ( مو سهلة ان تختار بغداد عاصمة للسياحة العربية لعام 2025 ، وسط عواصم عربية سبقتك كثيرا كثيرا بهذا المجال مثل ، تونس ، المغرب ، مصر على سبيل المثال ، وحتى أن قسما منها تفوقت على أوربا في مجال السياحة مثل دولة الأمارات!) ، أعيد القول ، ليسمحوا لي كمواطن وصحفي ومتابع لكل الشؤون العراقية ، أن اتحفظ على كل ما جاء بالأخبار وعن كل الموضوع أصلا !؟ ، والأمل كبير في ان تتسع صدور وعقول السادة المسؤولين على ما سأتحدث عنه وعن موضوع السياحة بالعراق ، ( أستثناء من السياحة الدينية فهذه لها شؤونها وشجونها!) ، وهل نحن مؤهلين للفوز فعلا ، بأن تكون بغداد عاصمة للسياحة العربية لعام 2025!؟ ، فاذا كان في الموضوع جانب سياسي!! ، وكأنه شيء مفروض على الجامعة العربية ومن فيها أن يصوتوا للعراق ويفوز بذلك ، فهذا شأن آخر!! لا علم لي بأسراره!؟، انا سأتكلم عن واقع حال العراق الحالي بلا رتوش ولا تزويق ، وأتكلم بموضوعية قد يعرفها حتى الناس العاديين البسطاء ممن لا شأن لهم بالسياحة !؟ ، هل أن بغداد مؤهلة فعلا وتستحق ان تكون عاصمة للسياحة العربية لعام 2025 ؟ نقول : أن السياحة أصلا وأولا وآخرا ، تقوم على توفر عاملين رئيسيين ، هما الماء والخضراء! ، ولا أعتقد أن هذه متوفرة بالعراق الذي يعاني من تصحر واضح بسبب حرب المياه التي شنت عليه من قبل الدول المجاورة والمحيطة به! ، حتى أن تقارير غربية وأمريكية توقعت جفاف نهري دجلة والفرات عام 2050 !! ، أما موضوع الخضراء ومساحاتها فالكل يعلم أنه هناك حرب داخلية لأزالة كل بقعة خضراء داخل بغداد بل بالعراق وبكل محافظاته! ، وهنا لابد من الأشارة ، بأن الكثير من الأراضي الخضراء الزراعية قد تم تحويل جنسها قسرا وبالقوة! ، لغرض أستثمارها في مشاريع سكنية أو غير ذلك! ، ولا يمر يوم ألا وتسمع خبرا عن ذلك من خلال الفضائيات ومواقع التواصل الأجتماعي!؟ ، وحتى نكمل حديثنا بموضوعية وبشيء من الشفافية والمصداقية التي أتمنى ان تتسع قلوب وعقول المسؤولين لتحملها ، نتكلم عن (الوجه الحسن!) ، فمنذ أزمان وأزمان ونحن نسمع أن هناك مثلث من الجمال متكون من ( الماء والخضراء والوجه الحسن) ، وهنا تظهر حقيقة الألم العراقي أكثر فغالبية نساء العراق متشحات بالسواد!! لأسباب كثيرة ومعروفة ولم تعد غائبة على أحد ، بل أن بغداد هي أصلا متشحة بالسواد على طول السنة حيث لا زالت صور شهدائها الأبطال الذين ذادوا بأرواحهم من أجل الوطن ( من الجيش والشرطة والحشد الشعبي والعشائري) تمليء كل زاوية وكل شبر ومنطقة ومدينة وزقاق!، (بالمناسبة لازالت صور المرشحين للأنتخابات السابقة والتي سبقتها أيضا ، تملأ سماء بغداد! ) فهل بهذا المشهد يمكننا أن ننافس ونحصل على الأصوات اللازمة لجعل بغداد العاصمة العربية للسياحة؟! . ولا أريد أن أتكلم عن وضع البنى التحتية وخرابها صيفا وشتاء! ، ويكفي ان أقول أن بغداد بكرخها ورصافتها ومنذ الأحتلال الأمريكي البريطاني المشؤوم ، لم تر التبليط ولا حتى بطبقة أسفلت بسيطة! ، حتى وصلت الأماني بنا أن تقوم أمانة بغداد ولو بطمر ( الحفر والطسات والنكر بالشوارع! على أقل تقديرأ) ، أبهذا المشهد ننافس بأن نجعل بغداد العاصمة العربية للسياحة؟! ، ناهيك عن الأزبال والنفايات التي تغطي وجه العاصمة الحبيبة بغداد! ، وهل نسيتم أم تناسيتم التقارير العالمية التي أكدت بأن بغداد تعتبر واحدة من أكثر العواصم بالعالم تلوثا أليس كذلك؟! ، نعود بالقول أن العالم يعرف كل صغيرة وكبيرة عن العراق بكل تفاصيله بالصور والتقارير والمشاهد وكل شيء!! . من جانب آخر نقول: ليس كل بلد فيه أثار، يمكن أن يكون بلدا سياحيا ناجحا والعكس صحيح!؟ ، ودولة الأمارات خير دليل على ذلك! ، فلا أعتقد أنها تمتلك شيء من الأثار!! ، ولكنها أستطاعت أن تستقطب 9 مليون سائح في السنة!! ، متفوقة ومنافسة لأحسن الدول الأسكندنافية في مجال السياحة بالعالم! ، وتصوروا أنها أستطاعت أن تعمل سياحة أستشفائية!؟ ، وهي مستمرة بالعمل بكل جد ومثابرة وأخلاص ونزاهة ، من أجل أستقطاب المزيد من السياح سنويا رغم معاناتها من حرارة الصيف! ، ولكنها حاولت وتحاول التغلب على هذه المشكلة الربانية!! ، ومن الجدير أن نذكر هنا بأن السعودية ودولة قطر بدأت تحذوا حذو دولة الأمارات في مجال السياحة! . نعود لنكمل الحديث ولنرجع الى الوراء بعض الشيء ، صحيح نحن بلد أثاري فقد أحتظنت أرض العراق 6 حضارات من قبل 7000 سنة! ، ولكن هل تم الأستفادة من تلك الأثار وتوظيفها في خدمة السياحة؟ على مر الحكومات التي حكمت العراق منذ تأسيس دولة العراق في 1921 ولحد الآن؟! الجواب كلا ومع الأسف! ، فحتى أبان العهد الملكي الذي يعتبره البعض من أجمل العصور! لم نسمع أنهم أهتموا بالأثار وتم أستغلالها سياحيا!؟ ، فقط كل الذي نعرفه ، أنه كانت تاتي بعثات أثارية أمريكية وبريطانية وألمانية وغيرها من البعثات الأجنبية ، للتنقيب عن الأثار بالعراق مع وجود دائرة بسيطة (للأثار)! لا تتناسب مع حجم العراق الذي يعرف بأنه بلد الأثار والحضارات الأول بالعالم! . وأذا أردنا أن نتكلم بشيء من الواقعية والصراحة أكثر، فأن السياحة شهدت نهوضا ملحوظا في منتصف سبعينات القرن الماضي أيام الزهو العراقي وقوته وهيلمانه! ، فقد تحولت دائرة السياحة الى مؤوسسة كبيرة وضخمة ، وكان مخطط لها أن تصبح وزارة! ، وشهدنا حركة وتبادل في الأفواج السياحية بين العراق والدول العربية وكذلك مع بعض الدول الأوربية ، حيث تم أنشاء وبناء الكثير من المرافق والمنشأءات السياحية والفنادق الجميلة ومنها مدينة الحبانية ، التي أصبحت أثرا بعد عين الان!! ، ولكن مع كل ذلك الأنفجار ، ألا انه كان يفتقر الى التخطيط الصحيح والسليم! حيث كانت الحزبيات والسياسة هي التي تفرض كلمتها ورأيها في ذلك من ناحية رأس الأدارة ومديرها الأعلى فالحزبية السياسية هي قبل المهنية!؟ كما هي اليوم المحاصصة قبل مصلحة الوطن والمواطن! ، ورغم أننا حققنا شيء من النجاح البسيط في ذلك ، ألا اننا فشلنا أن نترجم مقولة ( السياحة نهر من ذهب!) ونحولها الى واقع عملي! ، (( ولو أننا لم نعرف كيف نستغل الذهب الأسود / النفط/ لتنمية بلادنا ورفاه شعبنا ، فكيف سنعرف أن نحول السياحة الى نهر من ذهب!؟)) ، ونكمل قصة السياحة فسرعان ما أنتهت تلك الفورة وتلك النهضة السياحية وأنكفأت بسبب حرب الخليج الأولى ( 1980 – 1988 )، ثم أنكفأت أكثر! ، بحرب الخليج الثانية / حرب الكويت ( 1991) ، وأنتهت تماما ، بالأحتلال الأمريكي البريطاني المشؤوم! (( ولا أريد أن أعيد الى ذاكرة العراقيين المليئة بالصور المحزنة منذ 20 عاما ، كيف تم نهب وسرقة أثار العراق من المتحف العراقي أثناء الأحتلال الأمريكي والبريطاني الغاشم وامام انظار وأعين وسماع ومشاهدة الأمريكان!!)) . فمنذ تمانينات القرن الماضي ولحد كتابة هذا المقال ، ليدلني أحد أن دائرة السياحة بالعراق نجحت بأستقدام ( كروب سياحي/ مجموعة سياحية واحدة أو شاهدنا أجانب يلتقطون الصور لمعالم بغداد الأثارية والسياحية!؟) ، فكل شيء عندنا توقف الى حد الموت بعد الأحتلال الأمريكي والبريطاني المشؤوم، وهذه حقيقة يعرفها الجميع! . واذا كان رأس المال في علم وعالم الأستثمار يوصف ( بالجبان)! ، فالسياحة وعالمها وكل تفاصيلها هي (أجبن من ذلك بكثير)!! ، فأن أحد وأهم معايير نجاح السياحة بالعالم ، هوالأمن والأمان ، وأعتقد ونحن ومنذ ثمانينات القرن الماضي ولحد هذه اللحظة ، نعد بلد غير آمن !! حسب التقييمات والتقاريرالدولية ( أحداث كربلاء والنجف الأخيرة قبل أيام ، والتي وقعت أثناء الزيارة الأربعينية للأمام الحسين عليه أفضل السلام ، خير دليل على ذلك!! ) ، وهنا لابد من الأشارة أنه ومنذ عام 1980 لغاية العام الماضي! ( وبالكاد وبالتواسيل والترجي وبألف ياعلي كما يقال) ، سمح الاتحاد الدولي لكرة القدم بأن تلعب الفرق العراقية مباراتها على ملاعبها!!؟ . أن الأستثمار أن كان سياحيا او اقتصاديا وأستقدام شركات كبرى في شتى المجالات يحتاج الى الأمن والأمان والأستقرار السياسي والأقتصادي كشرط أساسي! وهذا ما نفتقد له منذ الأحتلال ولحد الآن! ، وأعتقد ان الأستعمار الأمريكي والبريطاني المشؤوم للعراق لم ولن يسمح بأستقرار العراق أبدا!! وأن ال 21 سنة التي مرت على العراق والتي عشناها في خوف ورعب وترقب وبلا أمن ولا امان وأنفلات في كل شيء! خير دليل على ذلك!.، فعن أية عاصمة للسياحة العربية تتحدثون!؟ ، هناك فرق بين الحلم وبين الواقع وما أسهل الكلام وما أصعب الفعل!؟ . أخيرا أقول أن فازت بغداد بكونها عاصمة السياحة العربية (أن شاء الله) ، فأنتم وأنا وحتى الطفل بأبعد قرية في الصين! ، يعرف تماما بأن ذلك يكون أشبه بهدية سياسية قدمتها الجامعة العربية للعراق!! ، وليس أستحقاقا كوننا بلدا سياحيا فعلا ونستحق ذلك!؟ ، ولربما تأتي هذه الهدية السياسية! مقابل المواقف الأنسانية والمساعدات والتضحيات الكبيرة والكثيرة التي قدمها العراق للأمة العربية ، منذ تأسيس دولة العراق عام 1921 ولحد الآن!! ، والله من وراء القصد.