الحديث عن تورط نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية السافر و غير المحدود في المنطقة و تدخلاته الواسعة فيها والتي وصلت الى حد بإنها تنتهك و بصورة تتجاوز الوقاحة بدرجات السيادات الوطنية للعديد من الدول وبالاخص سوريا و العراق و اليمن و لبنان، هو حديث يکاد أن يشبه من حيث غرابته قصص ألف ليلة و ليلة، ولأن طهران قد تجاوزت کل الحدود المألوفة بهذا الخصوص، فإنه لم يعد هنالك من بإمکانه إنکار هذه الحقيقة و إخفائها، وحتى إن الامريکيين وهم يوقعون إتفاقية الوصاية الدولية ـ الامريکية على إيران، فإنهم أکدوا مرة أخرى على الدور المشبوه لطهران من حيث تدخلاتها في المنطقة.
نظام الجمهورية الاسلامية الاسلامية ومن خلال أطروحة”ولاية الفقيه”، عمل کل مابوسعه خلال أکثر من ثلاثة عقود على السعي لأدلجة المنطقة و غزوها بفکر ديني متطرف ذو طابع مشبع بالحقد الطائفي يتخذ من الارهاب وسيلة لنشره، بسط نفوذه و هيمنته على عدد من الدول العربية فيما يهدد أخرى بنشاطات خلاياه المتطرفة الارهابية النائمة فيها والتي يحرکها بين الحين و الاخر کما فعل و يفعل في البحرين و السعودية بشکل خاص و الدول العربية الاخرى بشکل عام، وإن هذا النظام وبعد أن هيمن بصورة إستثنائية على أربعة عربية دول فإنه يعتبر أية حالة طارئة تتعرض لها هذه الدول، بمثابة تعرض له ولذلك ينبري للدفاع عنها و يطرح نفسه کدولة مدافعة عن السيادة الوطنية و القوانين الدولية و مبادئ حقوق الانسان!
السيدة مرضية أفخمي، المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية، والتي ليس لها من دور خلال الاشهر الاخيرة، سوى تبرير السياسات المشبوهة لطهران و إيجاد المعاذير و الحجج المناسبة لأخطائها الجسيمة و الفاحشة بحق شعوب و دول المنطقة، على خلفية قصف الطائرات الترکية في سوريا مواقع لتنظيم داعش و الاکراد، أطلت السيدة أفخمي على العالم بتصريح أکدت فيه إن”محاربة الارهاب يجب أن تتم ضمن احترام القوانين الدولية والسيادة الوطنية للدول”.
الارهاب الذي تتحدث عنه السيدة أفخمي، تعلم جيدا بأن بٶرته و مصدره و نبعه الاساسي و الرئيسي في المنطقة يکمن في طهران ذاتها، ولاندري عن إحترام أية قوانين دولية تتحدث هذه السيدة، هل تقصد تلك التي ينتهکها قاسم سليماني و قوات القدس الارهابية ليل نهار في الدول العربية؟ أم تقصد تلك التصريحات و المواقف التي يشيد فيها قادة و مسٶولي نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بنجاح النظام في إستنساخ الحرس الثوري و قوات التعبئة في العراق و سوريا و لبنان و اليمن؟
السيدة أفخمي لم تکتف بذلك القدر من التجني على الحقيقة و الواقع وانما وعلى طريقة و اسلوب سادتها من رجال الدين الحاکمين، فقد أضافت بأن”أي عمل يؤدي إلى إضعاف الحكومات الوطنية قد يشجع في الواقع المجموعات الارهابية على تنفيذ أعمالها الإجرامية”، أي إنها تريد إفهامنا إن نظام الدکتاتور بشار الاسد هو نظام وطني و تريد بذلك الخلط و الجمع بين تنظيم داعش الارهابي و بين فصائل الثورة السورية في کفة واحدة، رغم إن العالم يعلم جيدا مدى العلاقة الجدلية و التعاون الوثيق بين طهران و دمشق من جانب و بين تنظيم داعش من جانب آخر.
الحديث عن السيادات الوطنية و القوانين الدولية وماإليها، من جانب السيدة أفخمي، يقود الى الحديث عن دستور نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و الذي فضحت زعيمة المعارضة الايرانية مريم رجوي وجود مواد فيه تقونن تصدير التطرف الدين و الارهاب الى المنطقة و العالم کما هو الحال في المواد 3 و 11 و 154 من الدستور الايراني و التي تستوجب و تفرض تصدير التطرف الديني و الارهاب تحت مسميات و عناوين من قبيل” الدعم اللا محدود للمستضعفين في العالم” او من أجل” توحيد العالم الإسلامي”، والانکى من کل ذلك أن وسائل الاعلام قد تناقلت تقريرا بشأن تعديل القانون المدني من قبل مجلس الشورى الإيراني، ليسمح بمنح الجنسية لمقاتلين ومتعاونين استخباراتيا من الجنسيات الأجنبية، الذين يقاتلون ويتجسسون لصالح مشاريع طهران في العالم، خاصة الموالين لها في منطقة الشرق الأوسط الملتهبة، ومن هنا، فعن أية سيادة و أية قوانين دولية تتحدث السيدة أفخمي؟!
[email protected]