23 ديسمبر، 2024 5:17 ص

عنصرية الحزن العراقي

عنصرية الحزن العراقي

أحتسي شاي ثقيل، الان ،استمع لسيدة الغناء العراقي الباشا سليمة مراد( ١٩٠٥-١٩٧٤ مطربة )
:(قلبك صخر جلمود ماحن عليه..) انها وريثة مزامير داوود كما اسميها ، وكما يبدو ذلك من DNAصوتها المتكسر كامواج دجلة ، هربت بصوتها كل تراتيل الهيكل في اورشليم ، تقراء المقام بطبقات صوتية تعجز عنها الرجال ، المطرب ناظم الغزالي زوجها لايستطيع صوتيا الوصول الى جواباتها ( طبقة نغمية)او جوابات جواباتها، سليمة مراد تثير الحزن بأناقة ارستقراطية ، هي نكهة بغداد المتروبولتان والتي كانت عاصمة كونية في القرون الوسطى ، سليمة باشا ،هل مازلتي تنوحين على يهود العراق الذين هجروا بعد كل هذه السنين ؟
ادين لليوتيوب كرب مانح لذاكرات صورية /صوتية ضائعه او منسية، استمع الآن الى ناصر حكيم (١٩١٩-١٩٩١مطرب فطري من جنوب العراق) هو الان يردد النشيد الوطني السومري
: (اخ بوية عيوني اه يالمشى وماقال مودعكم الله..) هل تناول أحدكم جرعة حزن بهذا القدر من قبل ,ولا جرعة العلاج الكيميائي لمرضى السرطان تصل بكم لهذا الحد من الالم، عزيزي ناصر حكيم ، كم اور احترقت بصوتك ، كم الهة سومرية تعاونت لتقوثر حنجرتك ، حين تنوح بحرقة يندفع القصب و يتمدد الهور حتى اقدام الإله(انكي) في السماء السابعة، ناصر حكيم ،توقف ارجوك ، الهور جف وعيوننا جفت كذلك ،أعمارنا قصيرة جدا لنحزن( حزن معدان) طويل الأمد وثقيل.
يقترح اليوتيوب مقطعا عشوائيا ، حمزة الصغير (١٩٢١-١٩٧٦ قارى مراثي حسينية) ، اعتقد ان الشخص المسؤول في اليوتيوب (متراهن) على ليبكيني لأطول فترة ممكنة،
ينشد حمزة الصغير
: (يمة ذكريني..من تمر زفة شباب..) ، سمفونية تبكي حتى متحدثي لغة الماندرين ، تكثيف شيعي عالي لتهميش رسمي منذ ١٤٠٠سنة، تشفير واضح لثورة تحت الرماد ، تذكير عاطفي بجريمة ابادة حصلت في ٦١ هجرية (١٢/١٠/٦٨٠ميلادي)، هذه المقطوعة بالذات تتحدث عن قصر أعمار العراقيين بسبب الموت المجاني وتشكل بمفرداتها تضاد شفاف بين الزفاف كحياة وتواصل بايلوجي لذيذ خصوصا في العشرينات من العمر وبين جدار الموات الذي يقطع ذلك، تداخل صوري للحناء رمز الترف والفرح التي تستحيل لخضاب الدم المسفوك يلطخ كفا الام كرمز للحياة المهدورة، تشظت زجاجات عيني من الدمع فغادرت اليوتيوب.
الان اكتب لكل هذا ، هل وجدت (الحامل) الذي يصنع الامة العراقية ويوحدها عاطفيا على الأقل ، ليس لدينا تاج ملكي او اميري ، ليس لدينا وطنية نعتز بها، لا تاريخ فاعل في الحاضر ولا حتى أحلامنا متطابقة ومتداولة، نتمغنط للعنف والحروب فقط لنقتل او نقتل برعاية دكتاتور ما حصرا، مرجعياتنا ريفية ، مدينة ، صحراوية ، اثنياتنا عربية ، كوردية ، تركمانية ، اشورية، ادياننا ، مذاهبنا متشعبة ومتكاثرةً ودائما update ، ماتبقى كرابط ؟
الحزن ، الحزن العراقي الثقيل يوحدنا ، في افراحنا ننوح كما في احزاننا ، تضاد حاد بين قسوة عراقية متطرفة حد قتل الابن لاجل نوط شجاعة ( حدثت في الثمانينات) او لاجل عشيق ( تحدث دائما) وبين ممارسة يومية للحزن كواجب حياتي وحساسية عالية للبكاء لأقل حدث عاطفي .
الحزن اذا يعنصرنا كخلاصة لكل الخسارات الكبرى منذ تموز الذي نزل الى الهاوية وبكته نساء اريدو و اور وبابل وبكته عشتار مرورا براس (الحسين )الذي يحرض على الحزن والثورة كل عام إلى آخر قتيل سيقع ظلما في يوما ما على تراب ميسوبوتاميا ،
فلنفعل هذا الخزين الحيوي من العاطفة الغير فردية ونتشاركة كمشاعر رابطة كما نتشارك تفاهاتنا كل يوم( بالسوشيل ميديا )، حتى لو كان حزن “عنصري” عراقي ثقيل.

:المجد لمقامك سليمة باشا،
: و(الخضيرة) والمسك لصوتك ناصر حكيم،
: و الدمع والشمع والاس لروحك حمزة الصغير.