عند النجاح وعند الفشل

إذا نجح الأبن في كافة الدروس وعبر إلى مرحلة أخرى ومن الدور الأول، يتباهى الأب بذلك ويعزي كل النجاح والتفوق إلى نفسه دون أن يترك احتمالا واحداً لمجهود الطالب وكفاءته. يقول الأب لقد أنفقت عليه الكثير وصرفت عليه من الكد والتعب ما جعله بهذا المستوى. ليس هذا فحسب بل الأم هي الأخرى تشمر عن ساعدها في عرض منجزاتها في توفيرها لخدمة ممتازة وأجواء للراحة النفسية والتي كانت سبباً في نجاح أبنهم.
ليت الأمر يقتصر على الأب والأم فحسب، بل حتى الأخوة والأخوات في البيت ينسبون هذا النجاح إلى أنفسهم. فهم الذين لم يزعجوا أخيهم حين كان يدرس وهم من ساعدوه في تحضير الدروس وحرصوا على تدريسه وتهيئته في المواد التي كان يحتاج فيها إلى مساعدة.
أحياناً تجد الجيران وأبناء الجيران هم أيضاً يدعون حقهم في نجاح هذا الابن المسكين. أبناء الجيران يقولون أنهم أناس طيبون وجيرتهم حسنة وقد دعوا له بالنجاح مع كل الصلوات. ويقولون أن دعوات أمنا له كانت مستجابة كما في كل مرة.
صاحب محل في المنطقة هو الآخر ينسب هذا النجاح إلى نفسه وأن له ضلعاً في الأمر. يقول أنه يبيع أفضل الملازم المدرسية التي ينفرد بها في المنطقة كلها ولا يمكن لأحدهم أن يجد مثيلاتها في محل آخر. يقول صاحب المحل أن كل من يقتني هذه الملازم ينجح لا محال ويستشهد أمام الجميع بنجاح هذا المسكين.
الكل من أبناء العمومة والأخوال والخالات وأبناء العشيرة وغيرهم من القريب والبعيد يدعي أن له اليد الطولى في نجاح هذا المسكين. أصبح الجميع يتاجر بهذا النجاح ولا أحد يشيد بأداء الطالب نفسه أو ذكائه ومواظبته على الدراسة وسهره لليال طويلة.
.
أما إذا فشل الطالب ورسب ولم ينجح..
يكون الطالب ابناً عاقاً غير مطيع وكسول ولم يذاكر دروسه. في الأول يتبرأ منه أبيه ويقول أن كل تعبه ذهب سدى. ثم الأم التي هي الأخرى تتخلى عنه وتتهمه بالإهمال الشديد. الجيران وأبناء العمومة والأقرباء جلهم يدعون بأنه لا يشبههم، فليس فيهم من رسب في صفه من قبل أو فشل دراسياً. صاحب المحل يتهم الطالب بأنه لم يعتمد على الملازم الدراسية التي يبيعها ويقول لو كان قد أشترى مني الملازم لما كانت نتيجته مخجلة لهذا الحد.
الحقيقة أنا أبغي من هذا المقال ربط الموضوع بالكثير من النجاحات التي يحاول الكثيرين سرقتها وتنسيبها إلى أنفسهم وعند الفشل لا تجد لهم أثراً. وليس لي توسيع الموضوع أكثر فاللبيب من الإشارة يفهم.