في حدود وطن عربي وبعد ان تأكد الموظف ان جواز سفري اوربي وقد دفعت اجرة التفتيش قال “اهلاً وسهلاً بالعراقي هذا وطنك الثاني” انا الذي لا يملك اولـه لا يملك ثانيه, هارب مهاجر استورثني صدام من صدام وفتوى من مرسوم جمهوري ومن لا أول له سوف لن يجد أمناً وعافية وكرامة في ثانِ مفترض.
في فجر مغولي دخل المغول على خيول تسير على أقدام من حديد ومطاط وبعضها ذات أجنحة وسيوف ذكية قطعوا فيها عنقيّ الرافدين وسلبوا منا متاع حضاري تركه الأجداد لنستدل به على حقيقتنا, بغداد امنا وحاضنتنا وتاريخنا المسروق, سلبوا ذخائر جداتها السومريات والبابليات والأكديات والأشوريات ثم تركوها أرملة تاريخ عروبي اسلاموي.
أيها الموظف الشقيق في حدود الأقامة, هناك ارملة وحادثة اغتصاب على سرير المنطقة الخضراء, امنا لم تعد بغداد الدنيا, فقدت جمالها وفتنتها وجاذبيتها, ارملة اغتصاب عذراء مقيدة بشهوة الغزاة وخيانات تجار الأرض والعرض والمال, سأشكرك عندما تعلن انتهاء فترة اقامتي وموعد الرحيل, هناك سفينة للغرق تنتظرنا او شاحنة للبهائم.
لم تكن سفينة نجاة, ولا ربانها سيدنا نوح, في وداعات صامتة تفترشنا الأمواج وليمة لكائنات البحر ثم ترمي بقايانا الى سكينة القرار ليمتزج ملح اجسادنا مع مذاق البحر حينها نتذكر بدايات الهاوية التي دفعنا اليها المخرفون, او نُعلب داخل شاحنات قد تتعطل في الطريق فتتعطل معها ارواحنا او تنقلب فنتلف كما تتلف حمولتها, لو لم نكن اشقاء لكم لما حكمتنا الأقدار برفقة بؤسكم لنبحث فيكم مرغمين عن وطن ثان.
شقيقي المفترض في العروبة والأسلام, لا تأتي بغداد مفخخاً بسوء الفهم والكراهية, اترك حزامك الناسف ولواسق الأفتاء على مشاجب الجامعة العربية, كفوا عن اشتهاء اجساد اطفال العراق مشوية على سفرة اخرتكم, كن ضيفنا لتتعلم معنا قراءة التاريخ بعيون القرن الواحد والعشرين لنعيد كتابته بحبر روح الحقائق, حينها ستدرك ماذا يعني العراق وبغداد لتاريخ اجدادك, انها حالة استحمار ان تستعجلوا الأنقراض, اذن استحمروا ما شئتم واتركونا فالحياة تعشقنا كما نعشقها, خذ وطنك لا اقبله ثان لي, فقط عندما أكون في وطني سأشعر اني مواطن ومن يهرب الى الأمام يتقدم الى الخلف.
شقيقي المفخخ بأحدث ما ابتكرته جاهليتكم, لم يعد في عروبتكم عرب ولا في اسلامكم مسلمون, كنتم جاهلية ولازلتم, ما كانت قبلكم جاهلية, كانت حضارات ما بين النهرين وسوريا الكبرى والنيل في مصر وحضارات عالمية وكنتم وحدكم الجاهلون, ان كان وأد البنات علامة فارقة في تاريخكم فوأد الأوطان ونحر الهويات الوطنية للشعوب هو ما يميز حاضركم, الحضارات البعيدة عن جاهليتكم ازدهرت من خارجكم اما الحضارات التي في قبضة جاهليتكم ماتت بموتكم.
نصيحتي ايها الشقيق العربي المسلم اذا قررتم ان يكون الأنقراض مصيركم العاجل فأكملوا مشواركم فهناك من سيستورث ارضكم ونفطكم وعرضكم واتركونا نحن العراقيون لنتكفل بتحنيط ميتيكم ودفنهما ثم نؤثث ماضيهما بما يليق بحاضرها وسنرفع جدارية سوداء كضمائر مجاهدي الفساد, نكتب عليها: ـــ هنا كان العرب ودين العرب ـــ
ـــ هناك لا شيء من العرب ودين العرب ـــ
ونستذكركم كلما نرى ماضيكم على مرايا عمليتنا السياسية.