17 نوفمبر، 2024 7:36 م
Search
Close this search box.

عندمــا يتآمــر الجميــع علــى إرادة الشعــب

عندمــا يتآمــر الجميــع علــى إرادة الشعــب

لم ألمس الرضى لدى من حاورتهم من قيادات الحراك الجماهيري لمد مطاليبهم الى إلغاء الإمتيازات والرواتب الضخمة لإعضاء السلطة التنفيذية . هذه القيادات تدرك ان حجم الهدر في المال العام يتجاوز مئات الاضعاف لدى الحكومة منه في مجلس النواب . عندها تعززت مخاوفي من أن بعضا من قيادات الحراك الشعبي تنفذ أو تستجيب لمخطط حكومي في تغيير مسارات الحراك الشعبي . أشرت ، حينها ، الى ذلك في كتاباتي ، الا أن القطار غادر المحطة  .
كانت الحكومة بحاجة الى كبش فداء لتهدئة الرأي العام الساخط من السرقات المقننة ووجدتْ ذلك في مجلس النواب الذي تظاهر مجبرا بالزهد بإمتيازاته الفاحشة ، فقدم رئيس اللجنة القانونية بهاء الأعرجي طلبا الى المحكمة الاتحادية تم تسويقه على أنه دعوى لإلغاء الرواتب التقاعدية لرئاسة واعضاء المجلس ، وترافق ذلك بطلب منفصل لنقيب المحامين العراقيين ، كان متوافقا بشكل يدعو الى الريبة ، مع مضامين دعوى الاعرجي .
أصدرت المحكمة الاتحادية قرارها المتضمن كسب المدعيين للدعوى ، لتنطلق الاحتفالات بأول انتصار مفترض للإرادة الشعبية التي ووجهت مرات عديدة بالقمع اعتبارا من جمعة التحرير في الخامس والعشرين من شباط 2011 .
عاصفة القرار وما أثارته من مناكفات بين الخصوم والمؤيدين كشفت ، لاحقا ، حقائق صادمة ، فكل من الاعرجي ونقيب المحامين العراقيين ، اللذين يقفان على رأس جهتين قانونيتين ، حَصَرا ( عمدا ) طلبهما بإلغاء بعض ( الإمتيازات ) الهامشية للنواب ( بعد ) تقاعدهم ، وبالتالي فإن الطلب ومن ثم القرار لم يمسا الرواتب التقاعدية للنواب ، كما لم يعدلا أو يلغيا ايا من الامتيازات والرواتب لهم خلال الخدمة .
المحكمة الاتحادية التي سارعت ، على غير العادة ، الى البت بالطلبين واصدار قرارها لم تكن بعيدة عن اللعبة ، حيث جاء القرار خاليا من المضامين ، وذرا للرماد في العيون ، بما يؤكد إنخراط جميع أركان السلطة ( التنفيذية ، والتشريعية ، والقضائية بما فيها القضاء الواقف ) وكذلك أغلب الجهات السياسية ، وبعض قيادات الحراك ، في التآمر على الإرادة الشعبية وفعالياتها الجماهيرية .

أحدث المقالات