بكل بساطة نقول لو أن مواطنا عراقيا بسيطا اتفق مع شخص لغرض إيصال الماء الى بيته مقابل أن يدفع له مبالغ خيالية من عرقه وتعبه و على مدى شهر لم يوصل له الماء المطلوب و بسماح شهر و شهرين و ثلاثة دون أن يحاسبه أبدا فهل يعقل لو سئلنا أي احد هل يعقل إن يستمر باعطاءة المال وبالمقابل إن هذا المواطن لم يحصل على شيء لفترة 4 سنوات؟
طبعا إن الجواب سيكون أن هذا ضربا من الجنون !
فهذا في كل بساطة ما يجري اليوم على نفط العراقيين و أموالهم و الدليل على ذلك الخلافات على الموازنة و من ابرز الخلافات حولها مبلغ 4 مليارات و نصف المليار دولار فرضها إقليم كردستان كأجور للشركات النفطية المتعاقدة معها من اجل تطوير الإنتاج و يستشهد الأكراد بان الحكومة المركزية متعاقدة مع شركات و صرفت لها من الموازنة مبلغ 18 مليار دولار كأجور لسنه علما أن مبالغ الأجور هذه لم تكن وليدة اليوم و ألسنه بل هي مستمرة منذ أكثر من سنه و في المقابل أن معدلات الإنتاج تنخفض إلى ما قبل 2009 كما صرح به رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب يوم أمس؟
و نذكر هنا بعض المعطيات التاريخية التي تدعم الموضوع:
و نبدأ بالشركات العاملة مع إقليم كردستان في هذا الجزء و سنكمل مع الشركات العاملة من خلال وزارة النفط :
1- يقدر إقليم كردستان العراق حجم الاحتياطيات في أراضيه عند 45 مليار برميل. إنه يعني أن النفط في كردستان العراق أكثر من الكميات التي استخرجت من بحر الشمال في الأعوام الأربعين الماضية.
وقال صامويل جيزوك محلل الطاقة في آى.اتش.اس جلوبل اينسايت إن بدء المدفوعات في مايو هو “انفراجة مهمة” رغم أن المبالغ تغطي التكاليف فحسب.
و هنا تحليلين مهمين الأول أن الاحتياطي يقدر بالمليارات و يصدر منه 175 الف في اليوم فقط؟
و الأخر أن الحكومة أعطت ما يقول عنه صامويل يغطي النفقات وهو 285 مليون دولار فقط و هي مستحقات العام الماضي للشركات العاملة في كردستان و لا نعلم من اين قفز الرقم الى 4 مليارات دولار و نصف المليار .
2- أن وضع الاستثمار في كردستان مختلف عنه في بقية أنحاء العراق لأن العقود تسمح لشركات النفط بتسجيل احتياطيات النفط في دفاترها مما يسهم في إرضاء المساهمين المتلهفين على زيادة الاحتياطيات.
وقال الرئيس التنفيذي لافرين عثمان شاهنهشاه إن التعاقدات في إقليم كردستان العراق ستزيد الاحتياطيات بشكل فعلي.
وقال “أصبحنا شركة (تقدر احتياطيها) بمليار برميل من 137 مليون برميل بتعاقد تقل فيه تكلفة البرميل عن دولار واحد بكثير.”
و هنا تحليل أن هذه الشركة مسجلة في بريطانيا لشخص كوردي و هذا ما يجعلنا في إشكالين الأول أن نفقات التعاقد كردية بامتياز داخلي و لا يعلم صحتها مضافا إلى إن هذه الشركة لا تمتلك ضوابط الشركات الكبيرة!
أما الأخر أن تسجيل الاحتياطي باسم الشركات يعزز من ارتفاع أسهم الشركات و تحريك الأموال من خلال أرباح:
تأتي من ارتفاع أسعار الأسهم و هنا يتعاظم الربح دون أن يتم استخراج قطرة واحدة و هذا مبدأ تجاري يعتمد على الأصول المالية و يأتي بالفائدة المالية الكبيرة على الشركات التي وضحنا الامتياز الذي لديها!
3- وقعت شركات صغيرة ومتوسطة الحجم هي افرين البريطانية وهيس كورب الامريكية وبتروسيلتيك الأيرلندية للتنقيب عن النفط وريبسول الاسبانية اتفاقات مع حكومة كردستان العراق. و المهم هنا أن الأسماء و أماكن التسجيل لا تعطي انطباعا حول هذه الشركات المغمورة و اغلب الضن أن مالكي هذه الشركات او المساهمين فيها هم عراقيين في الأصل أو جرى معهم الاتفاق حول رفع أسعار الأسهم و تعظيم الأرباح من دون أجراء عمليات الاستخراج.
و للتوضيح نفرض أن شركة سعر الأسهم التي تعرضها للاكتتاب هو دولار واحد و بعد رفع قيمة الاحتياطي كما حدث للشركات في كردستان إلى مليارات البراميل من النفط فسيرتفع سعر السهم الواحد إلى مؤشرات تتناسب طرديا مع الارتفاع في كمية المخزون و ستحدث هنا عمليات بيع للأسهم او المداولة المالية و التي ستعطي أرباح تعاظمية كبرى من دون أن يخسر الإقليم قطرة من النفط.
4- بعد أدراج الشركات العاملة في كردستان في القائمة السوداء قال عضو البرلمان، فرهاد عمر، أسباب هذه الخطوة بأن الإقليم مضطر لدفع مستحقات الشركات الأجنبية البالغة 15 بليون دولار وتأمين مشتقات نفطية لمحافظاته، بعدما حجبتها الحكومة المركزية قبل شهر لا تعليق على هذا الرقم الفلكي. و خاصة ان مستوى الزيادة في التصدير 25 الف برميل في اليوم فقط!