لقد أصبح الإعلام السمة المميزة للعصر، وأضحى تأثيره في حياتنا طاغيا لا يستطيع معه أي فرد في أي ركن من أركان الدنيا أن يتجنبه، فهو يصنع العقول، يحركها، يغير اتجاهات الأفراد ويوجههم إلى حيث يشاء، بل هو يصنع الأحداث، بل ويصنع الأخبار، يخطو بالشعوب والدول ويتقدم بها إلى الأمام، أو يخطو بهم إلى الوراء، إلى التخلف أو الثبات والجمود، إن الإعلام هو الذي يرسم اليوم ما يمكن أن نطلق عليها الخريطة الوجدانية للشعوب، فتبرز شعوب مستنيرة متكاملة الشخصية لها فعالياتها وتحقق ذاتيتها ووجودها، أن تخلق شعوبا تعاني من الخواء الوجداني والإدراكي أمام ضغوط توجهات إعلامية تسعى إلى تجريد الأفراد من هويتهم وانتماءاتهم وقيمهم ومعتقداتهم وثقافتهم الذاتية وعلى كل ما قيل ويقال عن الاعلام الا نسبة كبيرة من الشعب العراقي مازال غير مقتنع بدور الاعلام او يشكك بدوره المؤثر على ما يفعله الاعلام في العالم ولعل ما حدث مع السيد بهاء الاعرجي خير دليل على كلامنا هذا فعلى الرغم من ان نسبة كبيرة جدا ممن تبوء مناصب عليا في الدولة العراقية بعد 2003 كان على درجة من الاثراء الفاحش جدا الا ان الملاحظ ومن خلال وسائل الاعلام والسمعية والبصرية ومواقع التواصل الاجتماعي استطاعت مجموعة منظمة من القيام بحملة تسقيطية منقطعة النظير ضد الاعرجي والى درجة وصلت الى اقتناع الشعب العراقي بان السبب الرئيسي في دمار العراق وفساد العراق واحتلال العراق هو بهاء الاعرجي!! بل والاكثر من ذلك هو قيام اناس محسوبين على التيار الصدري بالترويج لهذه الحملة ظنا منهم ان ذلك يدفع الشبهات عن تيارهم المظلوم في كل شيء وكانت نتيجة هذه الحملة واضحة في المؤتمر الصحفي الذي عقده بهاء الاعرجي حيث بدى مرتبكا وبدرت منهم كلمات كان من المفروض الا تصدر منه كما ان من نتائج هذه الحملة هو البيان الذي صدر من السيد مقتدى الصدر والذي يلزم الاعرجي بالاستقالة وعدم السفر لحين دفع التهم الموجهة اليه وبذلك استطاع الاعلام ان يثبت انه باستطاعته ان يشوه سمعة اي شخصية مهما كان وزنها وحجمها وخلفيتها العلمية او الثقافية او الوطنية وعلى الرغم من انني على قناعة تامة بان القضاء سيحكم ببراءة الاعرجي من التهم الموجهة اليه الا ان ذلك لا يكفي فقد حدث ما حدث واستطاع اعداء الاعرجي من تحقيق مبتغاهم وباسهل وايسر الطرق .