حسب فهمي ان النضال في حياة المناضل لا يحضر بفترة معينة من فترات حياته، ولا يناضل في هذه الفترة لكي يعيش من بعدها برخاء ورفاهية، بل تلازم كل حياته بأيامها وشهورها وسنينها، فالمناضل لم يخلق ليرتاح بل ليموت من اجل قضيته التي ناضل من اجلها وفنى حياته من اجلها.
كعراقي اعترف ان ثقتي بمفهوم النضال تغيرت رأسا على عقب، وربما ان هذا المفهوم الغي من عقول اكثر العراقيين بعد ان شعروا بالاحباط من اكثر الذين اتصفوا بصفة النضال ومقارعة النظام البعثي البائد.
ان النضال الذي له ثمن لا يمكن ان يكون نضالا، والمناضل الذي يمن على اهل بلده بنضاله لا يمكن ان يكون مناضلا، والمناضل الذي يبرر لنفسه نهب ثروة العراق ويفكر الف مرة ومرة ليعطي الفتات لشعبه هذا ليس مناضلا، والمناضل الذي يرى ابنه كل يوم يبذخ وأبناء بلده يلوجون الصخر هذا ليس مناضلا، والمناضل الذي يعز على نفسه دم ابنه ويرى دماء أبناء الفقراء تسيل ليعيش هو هذا ليس بمناصل.
فَلَو أردت ان تعرف المناضل فانظر الى علي بن ابي طالب، الذي يختار فتات ما يتبقى من طعام أمته وهو يحكم العالم ويملك خزائن الارض، ان المناضل هو الحسين الذي قال : لا اعطيكم بيدي إعطاء الذليل، وقدم دمه وأبنائه وإخوته وأهل بيته لتعيش قضيته وتغرف من معينها أمته، المناضل هو محمد باقر الصدر الذي منع ابنه جعفر من حبة فاكهة لكي لا يتحسر عليها طفل غيره .
من العيب ان افتخر بالانتماء لعلي بن ابي طالب، وارى رئيس الأورغواي خوسيه موخيكا وهو حكم بلاده خمس سنوات وهو يقيم في بيت ريفي مع زوجته لوسيا توبولاتسكي، عضو مجلس الشيوخ، ويتبرع ب90 % من راتبه كرئيس للبلاد لصالح شعبه.