23 ديسمبر، 2024 2:27 ص

عندما يكون المقهى ملاذا

عندما يكون المقهى ملاذا

ظاهرة ارتياد المقاهي ظاهرة قديمة ومتأصله في الشعب العراقي منذ عشرات السنين، وكثيرا ما كانت تستخدم هذه الأماكن لتحريك الشارع وتوجيهه باتجاهات معينة، لذلك دائما ما نجد هناك طرفين متواجدين باستمرار، طرف حكومي يتابع ويتعرف على أحوال الشعب وتوجهاته من خلال الرأي العام في المقهى، وطرف اخر يمثل جهات المعارضة، التي تحاول الاستفادة واستغلال أي فرصة تجدها مناسبة، لذلك كانت النظرة لهذه الأماكن بأنها ساحة المعركة من يستطيع كسبها، تكون الغلبة له
غالبا كان رواد المقاهي من الطبقات المختلفة للبلد, لكن في الغالب كان يوجد كثير من المثقفين, والاحاديث التي تدار فيها دائما تكون ذات اهداف ومعاني, حتى القصص والحكايات التي يرويها الرجل العجوز, كانت تتحدث عن قيم ومبادئ نحن نفتقدها اليوم كثيرا, فنجد الكثير من الشباب تتغير أفكارهم ومتبنياتهم في هكذا الأماكن سواء بالسلب او الايجاب, لذلك تجد اقبال كبير جدا على المقاهي للترويح عن انفسهم, والحصول على المعلومات المجانية, بسبب حب الشاب الحصول على المعلومة, وعدم إمكانية شراء الكتب بسبب الوضع المعاشي للشعب
اليوم بالرغم من توفر كل وسائل الحصول على المعلومة، من خلال وسائل الاتصال المتعددة والسريعة، نجد شبابنا عازف بشكل كبير عن القراءة وتطوير نفسه، واخذ يبحث عن المعلومة القصيرة(جاهزة) التي لا يجهد نفسه بالبحث عن صحتها من عدمه
نعم المقاهي ازدادت بشكل كبير، لدرجة اخذنا نراها حتى في الازقة والاحياء، لكنها أصبحت مكان للهو هربا من زحمة الحياة، فلا يتناول فيها سوى السكائر والنارجيلة، أما الحديث الذي يدور هناك من حديث لا يعدوا عما يسمى التحشيش او بالسجالات حول كرة القدم بالخصوص بين مشجعي فريقي ريال مدريد وبرشلونة
لا يخفى على الجميع ان بعض هذه المقاهي أصبحت وكرا لتعاطي المخدرات، في حين ذهب بعض أصحاب المقاهي الى ابعد من ذلك، ومن اجل استقطاب الشباب، بتشغيل فتيات للعمل بهذه الأماكن، مع رفع ثمن المبيعات في هذا المقهى
ان الشاب اليوم ونتيجة للسياسات الخاطئة للدولة، جعلته يسد اذنيه عن أي معلومة او توجيه يأتي من خلالها، حتى وان كان هذا التوجيه لصالحه، والسبب هو انعدام الثقة بين الشعب والحكومة
لذلك تجده يتقبل ويقبل أي كلام يأتي من خارج منظومة الدولة، خير مكان لزج هذه المعلومات هو المقهى
على من يريد الاستفادة من طاقات الشباب وتوجيههم بالاتجاه الذي يخدم البلد، عليه ان يمسك هذه الأماكن وادارتها، سواء بصورة مباشرة او غير مباشرة، فقد اصبحت المقاهي، المكان الذي يهرب اليه الشباب، وفي كثير من الأحيان سوف يتحدث عن همومه ان وجد هناك من يصغي اليه، فهي فرصة لإعادة شبابنا الى جادة الصواب، يجب على محبي البلد الاستفادة منها، وان لم يفعلوا فالعدو جاهز، وقد سبقنا بخطوات كثيرة.