22 ديسمبر، 2024 8:21 م

عندما يكون القضاء اعمى!

عندما يكون القضاء اعمى!

من اخطر المخاطر التي تصيب بلدا ما هو الفساد ، ولهذا الخطر الخبيث قابلية رهيبة على الانتشار اذا ما لقي البيئة المناسبة والتقبل من الاخرين ، ولا شك ان الفساد بكل انواعه السياسي ، والاداري ، والاخلاقي اكلة تنخر في البلدان كما ينخر السرطان البدن ، مرض وبائي قاتل اذا لم يعالج ويقضى عليه بفكر ، وارادة ، وصدق ، وجدية ، مرض لا يعالجه الدواء الضعيف ، ولا ينقلع من بلد اذا كان القضاء هزيلا لا ينزل العقاب المناسب مع التهمة ويحابي فلان ويجاري علان وتضيع الحقيقة في وحل السقوط .
الفساد نار لا تنطفئ حتى تاتي على كل ما تحرق وتحيله الى رماد ، انه يحيل البلد الى غابة ياكل فيها القوي الضعيف ، هو طوفان عارم يجتاح الاوطان ويقلعها من اصلها اذا لم توضع له السدود والحدود . ما ابتليت امة في التاريخ بالفساد بمثل ما ابتلي العراق حيث اصبح الفساد رسميا من الوزير الى الخفير وما جاءت حكومة الا ولعنت اختها وفاقت على سابقتها وحتى ان جريدة الاندبيندنت البريطانية وصفت البرلمان العراقي انه افسد مؤسسة تشريعية في التاريخ .
من اقذر الاشياء عندما تتعامل مع شخص لا يستحي ، واقذر منه عندما تكون حكومتك عديمة الحياء والشعور عندما تغطي بصرها وتسد اذنيها كالقرد لكي لا ترى الحقيقة المؤلمة ، فهي تدفع اختها الفاسدة لتاتي بدلها وترتكب نفس الاخطاء بل تزيد عليها وبذلك تعطي اوضح دلالة على فسادها وقد ادانت نفسها بنفسها وحازت اعلى المراتب في الفساد.
من اقضع الاشياء ان تتعامل مع حكومة نفاق مريعة يتظاهر اعضاؤها بالصلاح والتباكي على البلد ،المتدين بالدين والعلماني بالعلمانية والليبرالي بالليبرالية كل اتخذ من فكرته غطاء لقد اساءت هذه الحكومات الى بلد عمره سبعة الاف سنه والى اول حضارة انطلقت في التاريخ وقد زادت حكومة عبد المهدي على سابقاتها عندما استوزرت الذباحين والقتالين والجهلة ، اي مهزلة هذه التي يمر بها العراق واي مسرحية كوميدية هذه التي تمثلها الحكومة .
يقولون ان رجلا ركب سيارة اجرة وعندما شاهد نساء اردن ان يركبن منع السائق اشد المنع سئله السائق عن السبب قال له الراكب : اني (قواد) واذا ركبن معي اخاف ان تتلوث سمعتهن عند من يراهن معي وهن بريئات (حتى الكواد عنده غيره) وحكومتنا ليس عندها غيره على سمعة البلد اذ انزلته الى الحضيض واستامه الذي يسوى والذي لا يسوى ، والدنيئ والوضيع .
القضاء عندنا اعور ان لم يكن اعمى ، انه يقتنص البعيد ويترك القريب فمثلا عندما استدرج عبد الفلاح السوداني وزير التجارة الاسبق ووقع في الفخ (ولم يحسن اللعبة جيدا) وحكم عليه بالسجن ، في نفس الوقت هناك العشرات من الفاسدين الفارين في اوروبا والاردن والامارات من وزراء ومدراء عامين مع ثبوت الجريمة ، فاين هو من حازم الشعلان وزير الدفاع الاسبق عندما سرق اموال الدولة وفر ، واين هو من وزير الكهرباء السابق ايهم السامرائي المستقر في اميركا ، ووزيرة الزراعة السابقة سوسن علي ماجد الشريفي ، وكريم وحيد وزير الكهرباء ، وقاسم الفهداوي وزير الكهرباء في حكومة العبادي ، واين هو من كبير اللصوص صالح المطلق الموجود في بغداد المتهم بسرقة الملايين من قوت النازحين ابناء جلدته والقائمة تطول وتطول .
ام اين هو من هوشيار زيباري عندما كان وزيرا للخارجية ومن بعدها وزيرا للمالية ، واين هو من عميد عائلة البارزاني مسعود واولاده اصحاب شركة اسمها اربيل او قل شمالي العراق باكمله هل عمي قضائنا ام تعامى . القضاء عندنا كبيت العنكبوت يقتنص الصيد الصغير واما الكبير فيمزقه ، من الاحسن والانسب لك ايها القضاء ان تحاكم (جوكة الحرامية) في بغداد . القضاء عين البلد فاذا عميت تدهدى في واد سحيق .هل سيرى الشعب السارقين والذباحين معلقين بحبال المشانق او يقبعون بالحق في السجن المؤبد ؟ ام يبقى القضاء في مرحلة البعرنه والاستحمار؟.