19 ديسمبر، 2024 3:07 ص

عندما يكون الرئيس مواطنا عاديا

عندما يكون الرئيس مواطنا عاديا

في المجتمع العربي صار من الصعوبة أن يتقبل الرئيس فكرة كونه مواطنا , حتى وإن فقد السيطرة على تبوله وتغوطه , لأنه حجم القوانين حسب مشيئته والمرتزقة من حوله يقدمون له المزيد من التصور المموه وهو بحكم الشعور بالعظمة يعتقد بكل ما يقال له .ببدو أن كل زعيم في ذهنه صورة لنفسه وهي دائما صورة كرازيمية من وجهة نظرة وصورة ظلامية من وجهة نظر شعبه , ولأنه غير معني بالشعب فكل ما يفكر به هو كيفية البقاء في المنصب , وهذا شأن مرتزقته ومواليه الذين جعلوا القانون لينا طيعا له يعملون ما في وسعهم راكبين فرس الإنتخابات, شارين كل شيء بثمن , ومهددين كل معارض
 بتهمة , ويخرج الرئيس للشعب إضافة إلى أربعائه  الإسبوعية ليعلن أن الإنتخابات هي الفيصل  بعد أن يمسك بخيوط اللعبة . وإلا كيف يراهن بالفوز وكتل سياسية وأحزاب ووجوه كثيرة تفوقه قدرة وذكاء ومعرفة وتملك قواعد شعبية تضاهي ما يملك لولا الترتيب المسبق 1؟.
ولا باس في دورة أودورتين ولكن أن يصر على البقاء مخلدا فتلك هي المأساة القاتلة , السيد المالكي تحدى الشعب والقانون وضرب أسس التفاهم الديني الشيعي وعلا صوته على مرجعيته المذهبية  ليقول أنا وليس غيري  والمطبلون والمزمرون من خلفه يجتهدوا بالفتاوي .
 كل ذلك ممكن أن يكون لو أن للرجل قدرة على إدارة البلاد . رجل غامر وخدمته الأحداث والتحالفات فوجد نفسه مكبل بثقل البلد حتى ظن مع نفسه أن الكل غير مؤهلين وإنه الوحيد القادر على الإبحار بسفينة العراق , فإن نحجت فتلك هي الأمنية وإن خسرت فلا ضير في ذلك . فكانت أسوء رحلة إبحار على العراق . وكما تصور (لا ضير في ذلك) بعد أن تبوء منصب نائب رئيس الجمهورية .
لكنه ما زال غير قادر على كيفية التأقلم مع الحياة الجديدة  لذلك ظل يتباهى  بإبهة العهد السابق وبنفس نبرة التصريح والتلميح عاملا كل مايملك من أجل الإطاحة بالرجل الذي حل بعده , معلنا ذلك صراحة وتلميحا , حتى أن العبادي من ثقل ما يسمع ويرى صرح من أنه قد يتعرض لعملية أغتيال , ترى من يستطع القيام بهذا العمل غير رجل يشعر أن العبادي غمط حقه وإستولى على تراثه . وهكذا صار العراق بلد الحضارات والتاريخ والتضحيات  تراث فرد من خلال التغيير المبجل !.
في عالم السياسة بقدر ما ترعبك  بعض والجوه  والشخصيات من كثرة اللعب بأرواح العباد والبلاد  تشعر أن السياسة اليوم وفي عالمنا العربي تحديدا , هي الضحك على الذقون بدجل وخداع وتسلق على الأكتاف حتى وإن خسر قطرة الحياء , لكن  في الطرف الآخر تجد شخصيات وطنية قدمت نفسها كنماذج يحتذى بها , وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك الرئيس خوسيه موخيكا رئيس الأورغواي , رجل ملحد لكنه يحترم الله ويحترم خلقه قضى الرجل 15 عاما في سجون الدكتاورية وبمعتقل إنفرادي كونه  من زعامات اليسار الديمقراطي , وكأي نضال حقيقي وبدافع وطني غير مشوب تمكن من أن يكون رئيس بلاده
 في آذار من العام 2010  . قدم نفسه للشعب كرجل فقير ليس بالكلام والحديث عن الماضي وسنوات الجهاد وإنما عمليا  ربما هو الأول من نوعه في ذلك وربما هناك الكثير من أمثاله لكنهم لا يريدون إشهار حقيقتهم . في أول خطوة تبرع  بتسعين بالمائة من راتبه البالغ 12 ألف دولار للأعمال الخيرية , ورفض السكن في القصر الرئاسي وجعله مأوى للمشردين من البرد القارص , وفضل البقاء في بيته الريفي هو وعجوزه على نفس طريقة عيشهم في الأيام العادية, ورفض الحماية وإسطول السيارات والعربات المصاحبة لتنقله , مكتفيا بالسيارة التي صاحبته من العام 1987 وهي من نوع فالكس واكن
 .إشتراها في وقتها بمبلغ 1700 دولارا . اليوم تعرض عليه شركات السيارات وشخصيات تحب إقتناء الإنتيكات مليون دولار بها وهو يقابل ذلك بإبتسامة خجولة قائلا : شكرا لكم إنها جزء من حياتينا العائلية .
تحية للرجال الذين يخلدون الحياة من خلال بطولاتهم , وتعسا للرجال الذين يشوهون الحياة ببؤسهم !.

أحدث المقالات

أحدث المقالات