التغيير قانون إلهي وسنّة من سنن الخالق في الوجود وهو مظهر من مظاهر ديمومة الحركة فهو ضد الثبات والركود، والإنسان بفطرته السليمة يتوق ويأنس بالتغيير لكن البعض قد تقلقه العملية التغييرية كونه لا يرغب بالخروج من دائرة الارتياح التي اعتاد عليه وخصوصاً ذوي النزعات الشخصية الذين لا يهمهم سوى مصالحهم ومصالح أسيادهم، لقد عرفوا التغيير بأنه: “عملية تحوّل من واقع نعيش فيه إلى حالة منشودة” وغالباً تكون أفضل من الواقع، والتغيير مهما كان نوعه ودائرته تارة يحدث بأدوات وعوامل خارجية وتارة يكون بأدوات داخلية وينبثق من الذات سواء كان الذات الفردية أو المجتمعية حسب دائرة التغيير ومساحتها وحدودها، ولقد أثبتت التجارب أن التغيير عندما يكون من الخارج وبأدوات خارجية ستتحول إلى نقمة على الشعوب والأوطان ، لأن الخارج وأدواته لا يلتقي مع التغيير إلا في النقاط التي تحقق له مصالحه الشخصية وأجنداته ولا يسعى إلى تحقيقه إلا بالمقدار الذي ينسجم مع مشاريع ومخططات الدول والقوى التي ترفع شعار التغيير، وما جرى ويجري في العراق خير شاهد ودليل…لقد استطاعت أقطاب ومحاور الدول اللاعبة في الساحة العراقية من ركوب موجة التظاهرات التي خرج بها الشعب العراقي منذ عام واختطافها من خلال أدواتها في العراق التي صارت تتحدث عن الإصلاح وتدعوا للتظاهر والإعتصامات بدعم وتحريك تلك الأقطاب كالقطب الأميركي والإيراني والقطب الجديد السعودي الذي يريد أن يكون لاعباً ومؤثراً في الشأن العراقي، وعلى ضوء ما تقدم وما أفرزته التجارب وما تكشف عنه سياسة تلك الأقطاب والمحاور المتبعة في العراق وتبعية الأدوات المحلية التي تنفذ من خلالها للشأن العراقي فإن أي اتفاق يحصل أو تغيير فإنه سيكون خاضعاً لطبيعة الصراع والتنافس بين تلك المحاور وهو لا يتجاوز الدائرة التي حددها القطب الأميركي والمحصلة فإن الخاسر الوحيد في هذه المعادلة هو العراق وشعبه…صراع وتنافس المحاور واحتمالية اتفاقها أو حصول تغيير كان قد شخصه المرجع العراقي الصرخي في سياق جوابه على استفتاء رفع إليه تحت عنوان: ” أميركا والسعودية وإيران….صراع في العراق” حيث جاء فيه مانصه: ((4ـ إنْ حصلَ إتفاق بين دول مَحاور الصراع على حلٍّ أو شخصٍ معيّن، فإنّه يرجع إلى التنافس والصراع المسموح به فيما بينهم والذي يكون ضمن الحلبة والمساحة التي حدّدتها أميركا، فالخيارات محدودة عندهم، وبعد محاولة أحد الأقطاب تحقيق مكسب معين، وتمكّن القطب الآخر من إفشال ذلك، فإنهم سيضطرّون إلى حلٍّ وسطي ومنه الرجوع إلى ما كان !! )).