27 ديسمبر، 2024 3:35 ص

عندما يكون التغيير قراراً جائراً

عندما يكون التغيير قراراً جائراً

اسبوع حافل مر علينا، لم يهدا بال السياسيين خلاله سواءً بالتصريحات او بالقرارات التي كانت مثار جدل في الشارع العراقي، ولعل ابرزها قرار تعديل سلم الرواتب بصيغته الجديدة التي طرحها مجلس الوزراء مؤخراً، والذي قوبل برفض من قبل اطراف عديدة ومؤسسات حكومية كان المواطن ابرز المعارضين له.

وعلى ما يبدوا ان سلم الرواتب جاء للانتقام منهم كشريحة كانت ولازالت الضحية الاولى بسياسات الحكومات الفاشلة، والتي اثبتت انها عاجزة عن حل مشاكلها الاقتصادية التي حلت علينا دون سابق انذار (وفق ما فسره المواطن البسيط).

وهنا يجب ان لا نغفل ما دار من سجال في الغرف المغلقة، فكما ذكرت فان كثير من الساسىة تصدى لهذا القرار وعدوه متسرعاً ولم يلتفت لظروف المواطن العراقي الذي عانى الكثير جراء اخفاق الحكومة المتكرر، ولعل ابرز ما حصل، الجدال الذي ظهر عبر بيانات متبادلة بين رئيس البرلمان ورئيس الحكومة الذي اراد تطبيق اصلاحاته على المواطن دون الالتفات الى كبار السارقين.

وقد يبدو خبر تريث الحكومة في تطبيق سلم الرواتب الجديد، ابرز اشارة على عمق الجدال حيال هذا القرار الذي اراد الجبوري ان يكون متناسباً مع ظروف المرحلة ومتوافقاً مع الاوضاع المعيشية للمواطن الذي خرج بتظاهرات طالب من خلالها بالتغيير ومعاقبة المفسدين وليس بمعاقبته عبر قرارات لا تعطيه حقه بل تغبنه وتجعله امام خيارات قد تكون امرها خسارة العديد من الكفاءات في زحمة الاصلاحات الفارغة..

وقد علل المتحدث باسم العبادي خبر التريث بان لجنة متخصصة في مجلس الوزراء تقوم بمراجعة سلم الرواتب الجديد، لتكون شاملة، وتحديداً دراسة مخصصات التدريسيين الجامعيين التي اجهز عليها القرار الجديد دون الالتفات الى خطورة الخطوة.

وهذا التعليق جاء متزامناً مع سلسلة اعتصامات شهدتها العاصمة لعدد من الوزارات والجامعات المنددة بهذا القرار، والمطالبة بالغاءه.

بالمقابل عقد الجبوري اجتماعاً لمناقشة هذا السلم، واكد خلاله على ضرورة تصويب الاصلاحات بالاتجاه الذي يخدم المواطن ومراعاة الجانب المعيشي للمواطن بالدرجة الاساس والعمل على تعزيز الاجراءات التي من شأنها توفير حياة كريمة لابناء البلد، وعلى ما يبدو ان رئيس البرلمان اراد ان يؤكد للعبادي بان البرلمان سيكون له موقف من هذا القرار وانه لن يمر دون ان تمحيص وتغيير وهذا قد يعطينا الصورة الواضحة لحقيقة ما يجري بين الرجلين.

ان الجبوري اثبت ان المرحلة لن تتحمل المخاطرة بارزاق الناس الذين تحملوا الكثير في سبيل ان ينعموا بحياة تفتقد بالاساس من ابسط حقوقهم سواءً بتوفير الامن او الخدمات وغيره من ضرورات الحياة الكريمة التي اختفت بسبب الفساد وهدر المال العام الذي يعلم الجميع من يقف وراءه.

وعليه فان الخطوات القادمة لرئيس البرلمان ستؤكد استحالة المغامرة بمصدر عيشهم مقابل اطراف تحاول كسب مرحلة ستكون راسخة في اذهان البسطاء الذين ايقنوا ان التغيير جاء على رؤوسهم قبل رؤوس الكبار.