22 ديسمبر، 2024 1:08 م

عندما يكتب الوردي بعواطفه

عندما يكتب الوردي بعواطفه

من الطبيعي ان التاريخ يصبح مزيف بل انه صفحة التاريخ ستذكر التزييف والمزيفين ، والمعلوم ان احد اسباب التزييف هو عندما يكتب بعواطفه ، ونموذجنا لهذا الموضوع هو الدكتور المرحوم علي الوردي ، طبعا اغلب كتبه فيها حكايات شعبية سمع عنها ولم يراها بعينه لكن المؤسف عندما يعقب عليها .

وانا اتصفح طبيعة المجتمع العراقي لفت انتباهي هذا النص حيث يذكر الوردي ان جمال باشا الوالي العثماني على بغداد وقبلها دمشق كان غير مرغوب لدى العراقيين مستشهدا بعبارة وردت في كتاب العراق بين احتلالين للعزاوي هذا نصها ” ” اشتهر بالمخازي ويرقص الدانص مع مدامة مدير البانق العثماني” ج/8 ص/225 وبسبب هذه العبارة قال الوردي  اصبح اي جمال باشا موضوع الذم والتقبيح في نظر الاهالي بسبب افعاله هذه اي انه يرقص الدانص .

اولا نص العبارة جاءت ضمن مجموعة السيد محمود حموشي عن جمال باشا والي بغداد ودمشق سابقا انه قائلا انه ” اشتهر بالمخازي ويرقص الدانص مع مدامة مدير البانق العثماني ـ اي زوجة مدير البنك العثماني وهو انكليزي ـ يعني عبارة لكاتب وليس للاهالي ولم يذكر ماجاء بعدها في مصدره العراق بين احتلالين حيث ذكر انه اي جمال باشا  ” وعرف بين العرب ـ اي جمال باشا ـ بالسفاح بسبب قتل الكثيرين في الشام” نفس المصدر .

اما الوردي يعقب على ذلك حسب مزاجه وعقدته من رجال الدين بالقول

عن هذا الذم والتقبيح لجمال باشا سببه ” يبدو ان الاهالي كانوا يريدون الوالي ان يكون كاسلافه من العثمانيين يطيل لحيته ويتهجد بالادعية ويقيم الصلاة في المساجد ويخالط رجال الدين وهم لا يبالون ان يفعل بهم ما يشاء  ( طبيعة المجتمع العراقي ص /159 ) .

لا اعلم هل هذه الصفات ذميمة وعليها شائبة وان كان لا يتصف بها جمال باشا فان هذا الرجل الجزار كتب عنه  امين سعيد في مذكراته وهو شاهد عيان على ما قام به جمال باشا في دمشق ذكر سعيد في الجزء الاول من مذكراته

كان في دمشق واليا اسمه خلوصي بك حينما وصل جمال باشا الى دمشق وحاول خلوصي بك ان ينصحه بان البلاد هادئة والعرب يتعاونون معنا وما الى ذلك من كلام الا انه وجد اذان غير صاغية فقرر الاستقالة اي خلوصي بك يقول امين سعيد سمعت عن عبد الرحمن شهبندر صديق خلوصي عندما خرج معه لتوديعه وساله عن سبب الاستقالة فقال له ان هواء دمشق ماعاد يلائم صحتي وايضا لا يلائم صحتك ،

يقول الدكتور فهمت ما يقصد فكتبت مقالا في جريدي كله مديح وثناء لجمال باشا وقصدت منزل احد اصدقائي فبت عنده وفي اليوم الثاني خرجت متسترا مع قافلة الى البصرة

يقول سعيد ان جمال باشا اعدم اشخاصا ابرياء لا علاقة لهم بالسياسة ومعاداة العثمانية وهم عبد الحميد الزهراوي عضو مجلس الشيوخ العثماني انذاك وعبد الوهاب الانكليزي مفتش اداري، وشكري العسلي ورشيد الشمعة ولم يكتفوا باعدامهم بل نفوا عوائلهم الى ولايات الاناضول ، وهذه وجبة من وجبات اعدمهم ابرياء مذكرات امين سعيد ج/1ص/77

فهل هذه الصفات افضل من المتهجد والمصلي في المساجد ؟