مشاهد التلاحم والتعاضد على الصعيد الوطني، تحتاج لساسة يثبتون صدقهم وإخلاصهم مع الباريء عز وجل، وهم ما يجعل الوطن في حالة تواد، ووئام، ووحدة، ولتحقيق هذا الأمر، لا نحتاج لنزيف من الكلمات، والدماء، والدموع، بل لمواقف وأعمال واقعية تسكن قلوب العراقيين، وتطمئن لها النفوس، وتتجه الضمائر صوبها لنقائها وصفائها، خاصة وأن كل بيت عراقي، بات يعيش نوعاً من أنواع الجهاد، والتضحية، والخدمة، ساعين بمجموعهم لإنجاح تجربتنا الديمقراطية الجديدة، لذا سنحدث الأثر والتأثير بأخلاقنا، ومشروعنا، ورؤيتنا.
الصدق والإخلاص مع الله، يضيء في باطن الإنسان، كوامن الفعالية والتفاعل مع الحدث، وإلا ما الذي قدمه السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره) للجماهير، ليكون شهيداً وزعيماً للمحراب؟! إن ما قدمه شهيد المحراب، يكمن في أن حياة الأبطال مستقيمة، رسمت خطاً أحمر تحت عبارة:هيهات منا الذلة، حتى وإن تعبت الأقدام وكثرت القرابين، مادام الضمير مرتاحاً، فالأصل في القضية ليست في إغتيال السيد محمد باقر الحكيم، بل في الباقين ممَنْ جعلوه مصدراً ملهماً للكرامة وعنواناً للشهادة.
عندما يفوق الألم مرحلة الصمت، بين أزقة المدن، وأرصفة الشوارع، ومقابر بيوت الصفيح، وسراديب الموت، والرحيل المجهول، فإن المشهد يتطلب عطاء بلا حدود، وطاقة محركة للأجيال، فليس هناك أعظم من المشاريع الوطنية، النابعة من الداخل العراقي، لتلم شمل العراقيين وتضمد جراحاتهم، لذا لابد من المضي في الحوار، والركون الى الإتفاق حول مواجهة التحديات، التي تواجه عراقنا الجريح، لأن مرحلة التشظي تعني أن الجميع خاسرون، عليه ينبوع الحلول لمشاكلنا موجود، وهو الإنطلاق نحو مشروع التسوية الوطنية.
الإستراتيجية الأمنية الرصينة، والمشروع السياسي الواقعي، العابر فوق الطائفية والمحاصصة، وإعمار المدن المحررة، وإعادة النازحين، وتقديم الخدمات، والوقوف بحزم أمام أي محاولات للفساد، للتلاعب والرقص على جراح الأبرياء، فما منحه الشهداء في معارك تحرير الأرض والعرض، يهدف الى الحفاظ على التعايش السلمي، وزيادة أواصر اللحمة الوطنية، وهذه الدماء الزكية رسمت خارطة جديدة، لعنوان أكبر وأقدس إسمه العراق الواحد الموحد، وإنه للطف خفي مفعم بالحكمة والرحمة، أن يعيش العراق بهذا التنوع الديني والمذهبي، فلنعمل بنحن العراقية.
الواقع السياسي العراقي سيتغير،لأن منصات الإصلاح والأصوات الوطنية النزيهة، سيكون لها صولتها في قادم الأيام، خاصة إذا ما قدمنا وجوهاً كفوءة جديدة، لها القدرة على إحداث الأثر والتأثير بصدق ومصداقية، ولتكون هذه القيادات الشابة جسراً، يلتقي عليه كل أطياف الشعب العراقي، فمع وجود المشروع(الدولة العصرية العادلة)،والرؤية، والمسؤولية، سيلتزم الأمر وجود رجال أشداء، يبرهون بعملهم لا بقولهم إستحقاقهم للقيادة، وأن قدرهم في هذا الوقت، يحتم عليهم خدمة الناس وحماية حياتهم، فحفظ العهود من أخلاق المعبود.