23 ديسمبر، 2024 4:00 ص

عندما يعلو الضباب

عندما يعلو الضباب

لقد تعود سكان الشرق الأوسط على الطبيعة المناخية التي من سماتها حدوث ظاهرة الضباب في فصل الشتاء. وطالما ازهقت الأرواح في حوادث المرور لانعدام الرؤية والمجازفة بسرعة السير وعدم التروي في مناطق العتمة البصرية.

يبدو ان القارئ الكريم قد أصبح لديه من الوهلة الأولى تصور عن المقال وكأنه محاولة لتسليط الضوء على ثاثير الضروف المناخية في مشاكل المواصلات وطرق النقل.

والامر ليس كذلك بقدر ماهو محاكاة لواقع معين والفات نظر العقلية الواعية لتأثير المناخات الفكرية وضبابية المشهد الاجتماعي والثقافي على من يريد الولوج في المعترك السياسي باستثمار فضاء الحرية.

ان ضبابية المناخ الفكري لا تقتصر على فصل من فصول السنة. بل نراها تحل حيث ما وجدت الحاجه للإصلاح والتغيير والتجديد.

غالبا مايصعب على العامة التمييز بين المتصدي الحقيقي والانتهازي وغالبا ما ينتج عقلا جمعيا مخدوعا ومضللا.فالمجتمع والحالة هذه تراه في صورة من الانقسام الطبيعي والتشتت مابين مؤيد ومعارض. ونتيجة لذلك

حتما ستكون الولادة عبارة عن كيانات وتيارات وتكتلات هي اقرب للعشوائيه منها للتنظيميه النخبوية.

من المؤكد ان كثيرا من الاحبة الذين يحملون هذا الهم وتبدو انفعالاتهم واضحه على التواصل الاجتماعي بتميزها مع او ضد فكره معينة هم من الجيل الذي لم يكن موجودا ايام اجتياح الضباب للساحة الفكريه خلال العقد الأخير من القرن الماضي وتعرض العقل الجمعي المنهك جراء الحصار الاقتصادي وسياسات الظلم الصدامي الذي من مصاديقه المجاعة الفكريه والتشجيع المتعمد على التخلف لصدمة عنيفه فشل الكثير عند التعرض لها نتيجة عدم التأني والابتعاد عن التفكير الواعي بانتهاج خطواته الصحيحه فتهاوت العديد من القامات الشامخة وشرقت اخرى وغرب من صدم بتناحر المقامات التي كان يظن انها بحق وريث وممثل الموروث المقدس .

حين اذكر دوامة التسعينات واكتب عنها. باسلوب الاشارة الرمزية. لايعني ان ما سبقها من عقود كانت خلوا من العنف الفكري والتشضي الحاد في مختلف الاتجاهات. بل العكس كانت على اوجها حيث انتشار المد الأحمر ومواكبة النهضة الصناعية وغياب الرقابة الفكريه. بل ان الداعي للكتابة عن تلك الفترة وتسليط الضوء عليها هو كوني في بداية الوعي الثقافي الذي من أسبابه اللغط الذي اثير حول الاعلمية الحوزويه من جانب ومن جانب آخر وجدت نفسي مجبرا على دراسة مناهج الحملة الايمانية الصداميه والتي عمل النظام على جعلها ركيزة أساسية معتمده وزجها ضمن مناهج الدراسة الأكاديمية لغاية في نفسه.

في خظم كل ذلك كنت أراقب من بعيد اشبه بالواقف على التل دون ان أبدي رأيا في كل ماحدث خشية الوقوع في المحذور .

كانت الرويه والتروي والبحث الهادئ تعزز لدي قناعة تامة بأن من كان يوصف بالصامت سينطق يوما ما ويغير معادلة كونية أريد لها ان تكون وفق مشتهيات الشيطان. فكانت النتيجة ان خريطة الشرق الأوسط طوع يمين الصامت وايت الا ان تكون محافظة على اصالتها.

ما جرى قبل ايام ذكرني بمرارة العقد الأخير المشؤوم من القرن العشرين لكن هذه المره اشد وادهى لانها صادره من نخبة تتسم بالوعي وكانت ولا زالت تحسب على أنها القاعدة التي يعتمد عليها الرجل الصامت.

هل يا ترى لا زال التروي والهدؤ نافعا وانت تشاهد شوارع الفيسبوك تشير لهذا بالمنافق وذاك بالخائن .سابقى كما عهدت نفسي مترويا وهادئا منتظرا تنفس الصبح بعد ان عسعس الليل…