الفاسدون لا يسرقون فقط الأموال ويتلاعبون بها بدون خوفٍ أو وجل ..هنالك مفارقة كبيرة في سرقاتهم أنهم ينهبون ويسرقون كرامات الإنسان ويجردونه من إنسانيته,عندما نجد أم ثكلى تبكي وتنعى أبنها والقاتل يرقص على جراحنا في حفلات الليل الحمراء وينعم بالأمن بعدما حرم الحياة للأبرياء,عندما نجد شيخاً كبير يبحث عن دواء غير موجود في مستشفى أو بيع بسوق السوداء وحر الشمس يالتظي بدرجة حرارة 52 مئوية ,عندما نجد المواطنين يراجعون مؤسسة أو دائرة ما وهم واقفون في طوابير على شباك صغير يتحدث معهم شخص لا يمتلك أي وازع أخلاقي يؤهله للاحترام ينظر بعين الدونية مرة وتارة بعين الفوقية دون الشعور بالمسؤولية معهم ,فضلاً عن ذلك لا توجد هنالك استعلامات تحفظ آدميتهم ,
عندما نجد شاباً محملاً ومعبئاً بروح المستقبل يبحث بين زحام التعيين ولو اضعف الأيمان عامل بوظيفية خدمة أو حرفي وهو يمتلك شهادة جامعية ,عندما نجد أطفال في مدارس تعاني من قلة الخدمات غير مهيئة للاستقبال بسبب جشع المقاولين ومن يغطي على فسادهم مدارس أخرى من طين,عندما نجد عشوائيات السكن منتشرة في كل مكان ومليارات الدولارات تذهب ,عندما نجد شريحة من المعلمين باعوا ضمائرهم وقيمهم لينضووا تحت عباءة الرشا ليخرجوا لنا جيل غير مدرك لحجم التحديات ,عندما نجد من يعتلي منبر رسول الله وهو منبر الرحمة والهداية ليحرض الناس على القتل وسفك الدماء ويدعوا للطائفية ويصدر فتاوى للقتل على اختلاف الرأي ,عندما نجد زعاطيط القوم وسفهائهم يتنعمون بما لذ وطاب ويوضعون في مناصب ومسؤوليات أشاعوا من خلالها فوضى الفساد والخراب والأحرار تقوضهم الدنيا وتتنكر لهم وهم يركنون على رفوف الانتظار,عندما نجد من يودع أهله وعياله وأمه وأبيه ليلتحق بركب الشهادة وهو يقف على ساتر الموت ويقدم دمه قرباناً لله,وبعد التحاقه بالرفيق الأعلى نبحث له عن حقوق أو عن مساعدات عينية تساعد أهله في تحملها مصاعب الحياة المؤلمة ,عندما نجد هنالك من يروج لمصطلحات جديدة تطفو على الساحة لا تمت بأي صلة لتاريخنا ولأخلاقنا ثم تتحول هذه القيم الدخيلة على واقعنا لثقافة مجتمعية وأهما مصطلح الفساد ومن يمارسه يطلق عليه أنه عارف فاهم بمجريات الأمور دون الإشارة أليه بأنه سلوك منحرف وفعل مشين ,عندما يسرق الفاسدون أحلامنا وابتساماتنا البريئة بعناوين ومسميات ظاهرها تدعوا للإصلاح وباطنها تنشر الدمار وتساعد على سريانه في مؤسسات وزارات الدولة ..
عندما نجد أولاد شهداء الإعدامات والمقابر الجماعية يبحثون عن فرصة التوظيف والجلاد موجود في مواقع رفيعة المستوى بعد أن لبس قناع جديد استتر به ليخفي جرائمه وللحديث بقية ….