مع الانحدار الذي يعاني منه العراق في جميع نواحي الحياة السياسية و الاقتصادية و الثقافية , ليس مستغربا ان نشهد انحدارا في مستوى المصداقية والطرح عند بعض برلمانيي مجلس النواب العراقي , سواء كان نابعا من جهل مدقع او محاولة منهم لاستغباء الشارع العراقي . فقبل يومين ظهر نائب تابع لاحدى كتل الاسلام السياسي على شاشات التلفاز وهو ينثر مكامن عبقريتة الفذة في التحليل مدعيا ان اقليم كوردستان لا يستطيع تسليم بغداد اي برميل من نفطه كونه تعاقد على بيع كل النفط المستخرج من حقوله الى تركيا خلال الخمسين سنة القادمة .. ولم يبخل على المشاهدين ببنك معلوماته الزاخر , فاقحم نفسه في ملف اخر وهو ملف المنافذ الحدودية , ويفجر مفاجئة تفيد ان الاقليم يمتلك سبعة عشر منافذ غير رسمية اضافة لمنافذه الاربعة الرسمية مع دول الجوار وهذه المنافذ الغير رسمية هي باسماء اشخاص .
ليس غريبا ضحالة الطرح الذي سمعناه من هذا النائم عفوا (النائب) , والمستوى الهابط الذي يعاني منه بعض البرلمانيين وليس الكل , خاصة كتل الاسلام السياسي التي عاثت فسادا بكل العراق ويريدوا ان يضيفوا الان عفنا فكريا للمؤسسة التشريعية , فرغم ان حكومة اقليم كوردستان اوضحت وفي اكثر من مناسبة ان لا وجود لصفقة بيع نفط خمسينية للجانب التركي وان الاتفاق يقتصر على تكاليف نقل نفط كوردستان الى ميناء جيهان عبر الاراضي التركية ( ترانزيت) الا انه يظهر ان النائب المبجل يعيش حالة من الاصرار يصعب عليه تقبل ما هو خارج خياله الهوليودي .
وهنا نوجه هذا السؤال لهذا المبجل … هل يمكن لفكره النير ان يتخيل وجود دولة تعاني من غباء مدفع لدرجة انها تتعاقد على شراء نفط لخمسين سنة قادمة في ظل تقلبات الاسعار في السوق العالمية ؟ ان كان الجواب نعم يمكن عقد اتفاقات دون تحديد السعر حينذاك سيكون السؤال وماذا عن الكميات ؟ ثم ماذا ستجني الجهة البائعة من هذا العقد ؟ ثم هناك نقاط اخرى توضح كذب وافتراءات هؤلاء الاسلامييين لكوردستان وهي : –
– لو ان هذا الادعاء صحيح فهل ان وزارة النفط العراقية خلال كل السنوات الماضية كانت تكذب على العراقيين حينما كانت تدعي انها تلاحق ناقلات النفط الكوردستانية في عباب البحار , وتتعقب مسارها حتى على خرائط كوكل البحرية , وتقيم عليها الدعاوي ؟
-في اية خانة نضع اتهامات زملائه النواب لحكومة الاقليم في انها تبيع نفطها لمصافي اسرائيلية محددين الكميات المباعة واسماء المصافي التي تشتري نفط كوردستان ؟
لقد كشف هذا النائب دون ان يقصد كمية الاكاذيب التي اعتاد البعض كليها لاقليم كوردستان في السنوات الماضية وهي نفس ما فعله هو في هذا اللقاء , فنحن امام سلسلة من الاكاذيب المتناقضة سواء من برلمانيين او ساسة او حتى وزارات عراقية .
اما بخصوص موضوع المنافذ ( الغير شرعية) التي تحدث عنها النائم هذا والذي ذكر ان عددها سبعة عشر منفذا غير رسميا فهناك تساؤول …هل يتصور ذا عقل ان تسع الحدود الكوردستانية مع ايران وتركيا لسبعة عشر منفذا اضافة للمنافذ الاربعة الرسمية الموجوده , وكل العراقيين يعرفون ان معظم الحدود مع الدولتين هي مناطق جبلية لا تصلح ان تتخذ منافذ حدودية لا رسمية ولا غير رسمية .
ثم كيف تسمح ايران لنفسها بالاتفاق مع كوردستان على فتح منافذ غير رسمية دون علم منكم , وهي شقيقتكم الكبرى التي تعادون الجميع من اجلها ؟ وكيف تبقى هذه المنافذ الغير رسمية مستمرة تستقبل بضاعة وشحنات من شركات موجودة قطعا في تركيا وفي الشقيقة ايران ؟ وكيف يعلم المبجل هذه الحقيقة وهو قابع في بغداد ولا تعلم بها الحكومة العراقية , او حكومة الاقليم , او احزاب المعارضة في كوردستان ,او المواطن الكوردستاني , وكيف تسمح امريكا التي تسيطر على السماء العراقية , وتستطيع بواسطة تكنلوجيتها معرفة ماذا يلبس سيادة النائب في غرفة نومه , والتي تقتل ضيوف العراق في مطارات العراق , بان تكون لكوردستان حدودا غير رسمية مع ايران وهي تضيق الخناق الاقتصادي عليها؟
المفارقة ان النائب كان يتحدث بثقة عالية عن معلومات اقل ما يقال عنها انها مضحكة , ثم يبني عليها مواقف تجاه ( اخوانه الكورد) .
ما احزنني وانا اشاهد اللقاء ليس اتهامات النائب الكاذبة لاقليم كوردستان لاننا تعودنا عليها , وانما مدى استهتار ساسة الاسلام السياسي بالشارع العراقي واستغبائهم له , فيبدوا ان فوقيتهم تدفعهم للتصور بانهم يتحدثون لشارع ساذج يصدق كل اكاذيبهم وتراهاتهم ….وهو نفس الفكر الذي جعل الشعوب الاسلامية تعيش حالة تخلف وضياع طوال الف واربعمئة سنة و مستمرون باستغباء جمهورهم لدرجة مثيرة للتقزز .