الغزو السماوي هرطقة جديدة على طريق الكفر نشرت في موقع كتابات
جمعني ذات مرة مجلس مع أحد المعممين الذين يكثرون ألآدعاء ولا يملئون للعلم وعاءا , وكان قد كتب كراسا فيه من حشو الكلام ما لايقد م فائدة للآنام سماه ” الشريعة قشرة والطريقة لب ” فقلت له من باب النصيحة : بعض طلاب الحوزة المبتدئين مثلهم كمثل بعض طلاب كلية الطب عندما يصلون المرحلة الرابعة من سنوات الدراسة , ويأخذون شيئا من العلوم السريرية , عندما يصيبهم ألم في البطن يتصورون أن معهم سرطانا , وأذا أصيبوا بألم في الصدر يتصورون أن معهم ذبحة صدرية أو جلطة قلبية , لعدم أكتمال معلوماتهم عن ألآعراض السريرية للمرض وطريقة تشخيصه , وهذا المعمم تورط لاحقا بعلاقة مع بريمر الحاكم المدني للآحتلال ألامريكي للعراق جعلت منه عميلا صغيرا يمتلك فضائية وأذاعة يتكلم فيها مايريد هواه لامايريده العلم الذي هو فيض من مولاه وهو “الله تعالى ” حتى قال ذلك المعمم المبتدئ : أن النبي محمد “ص” هو أبن عبد المطلب وليس أبن عبدالله بن عبد المطلب ؟ وهكذا تصدر هذه التناقضات وألاخطاء الى الناس الذين تزداد حيرتهم وتزداد معاناتهم كلما خرج عليهم هاو أو مدع لايتورع عن لغة الكفر كما فعل أخيرا ” أحمد القبنجي ” الذي أعتبر السماء غزوا لعقل ألآنسان ماكان يجب أن يحدث ؟
وبلغت السذاجة بهذا الرجل أن يصدق من قالوا له : أنت مفكر ؟ وأضافوا أغراءا بالغرور وألادعاء قائلين له : أنت مجدد ؟ وهؤلاء الذين صفقوا له ليسوا من أهل العلم , يجمعهم الجهل بالدين , والحساسية المفرطة من المتدينين , والغلو بالعلمانية التي لم يعرفوا قواعدها ومحتواها , وأكثر من صفق لمدعيات هذا الرجل , بعض الفضائيات حديثة الخبرة بفضاء ألاعلام , والتي جمعت أصحاب الحاجة للعمل من الذين لم يتخلصوا من ثقافة ألاوهام ورواسب العوام , فراحوا يهللون لكل قادم بالحصرم من الكلام , وهذا هو الذي نفخ في مخيلة ” أحمد القبنجي ” المحروم من الجاه والباحث عن الشهرة ولو بالضلالة التي لاتسعد ألانام ؟ على طريقة “خالف تعرف ” التي أصبح النكرات من الرجال منهومين بها ؟
ولقد ذكرنا وبينا سابقا تهافت الرجل وعدم قدرته على تحرير المطالب التي رسمها ألاعلام من محققي علم ألاصول الذين قالوا : بألاستعمال الجدي , وألاستعمال المجازي في مباحث ألالفاظ , فألتقطها بخفة وأدعى بأنه يقدم أسلوبا جديدا لطريقة التفكير , وهو بذلك عالة على أهل العلم ومنتحل صفة يحاسب عليها .
وقبل ذلك تورط ” أحمد القبنجي ” بما جعله عند أهل العلم بفنون اللغة العربية وبلاغتها في أسفل درجات الجهالة عندما نفى وجود البلاغة في القرأن الكريم , وقد جمعت بحثا أستدلاليا في البلاغة القرأنية مستفيدا مما كتبه المحققون في هذا المجال , حرصا مني على أن أقدم للقراء مايجعلهم في مأمن من تشويش ألاذهان عبر محاولة تشويه حقائق البيان حتى أصبح نفيه لبلاغة القرأن مضحكا , يضاف له ما يضحك ألانس والجان عندما سخر من الجنان , وكذب سورة الفيل بما يشبه الهذيان الذي أدخله في خانة العميان ليسدل عليه ستار النسيان كما أسدله على مسيلمة الكذاب ومن أتبعه من العربان ؟
ومسلسل التفلسف الجاهل قاد أحمد القبنجي هذه المرة وعبر موقع كتابات الذي بدأ يخلط مابين حرية الرأي ومابين التجديف والتسويف والتحريف لحقائق الكون والحياة المبنية على سنة تأبى التأويل بغير حق , والتفسير بلا علم .
وأحمد القبنجي في مخالفته للسنن الكونية , يقول بجهالة فاقعة : أن الماء يتبخر من البحار , والبحار في ألارض , أنظروا الى هذه السذاجة , ليقول بعدها : أن توجيه قبلة الناس وأنظارهم الى السماء ليس صحيحا , وأنما في فهمه القاصر المعطل , يجب توجيه نظر الناس الى ألارض فقط , حتى تتمركز ثقافة الناس حول ألارض والمادة , وهو أنحراف خطير يجرد البشرية من أثمن وأغلى نعمة , تلك هي نعمة السماء وألطافها وفيوضاتها التي هي فيوضات ” الله تعالى ” المنعم , الباسط , الرازق , المهيمن , المصور , السلام .
ويحاول أحمد القبنجي أن يرقع تورطه بمقولة الكفر التي أصبحت تطوقه كما تطوق القلادة جيد الفتاة , لينثر كلاما واهيا بعد ذلك العدو في متاهات الكفر ,ليقول أن الله في كل مكان وليس في السماء فقط , وهي حقيقة من حقائق واجب الوجود فلسفيا .
ويحاول أحمد القبنجي المراوغة الفاشلة عندما يقول : علينا أن نبدأ من ألارض لا من السماء ؟ … ومن ألانسان لامن الله ؟ وهذه هي خلاصة هذه الخلطة الجديدة القديمة للغة الكفر المغلف بفضفاض الكلمات التي لاتغني من الحق شيئا , كما كان يفعل عرب الجاهلية القدماء من الذين عاصروا العماليق , وجرهم , وأبناء أسماعيل عليه السلام , ثم تناسوا مفاهيم الديانة الحنفية , مثلما تناستها ألاجيال التي أعقبت أولاد أدم عليه السلام , فلم تبق لديهم سوى عادات وتقاليد وأذكار يختلط فيها الغث والسمين مثلتها أمرأة جاءت لتطوف حول الكعبة المشرفة , ولما لم تجد لباسا تلبسه على عادتهم عند الطواف في تلك ألايام أن يخلعوا ملابسهم التي يرتدونها , ويلبسوا مايجدونه في حرم الكعبة , وتلك المرأة العربية عندما لم تجد ثوبا من حرم الكعبة , خلعت ثيابها وطافت عارية وهي تقول شعرا بعد أن وضعت يديها على عورتها :-
اليوم يبدو كله أو بعضه … وما بدا منه لا أحله ؟
وأحمد القبنجي في نفيه ورفضه التطلع للسماء , والسماء في الفهم ألاسلامي الصحيح هي رمز لقدرة الله تعالى ” أأنتم أشد خلقا أم السماء ؟ رفع سمكها فسواها ” والسماء والطارق ” والى السماء كيف رفعت ” والسماء ذات البروج ” أذا السماء أنشقت ” وأذنت لربها وحقت ” فالسماء مصنوعة من قبل الرب وهي مأمورة له طائعة ” ثم أستوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللآرض أئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ” – 11- فصلت –
فالدين ألاسلامي يعلم الناس عبادة رب السماء , لا عبادة السماء كما فعل عبدة النجوم والكواكب , وكما يحلو لآحمد القبنجي أن يصطاد في الماء العكر , ولا يفلح ذلك الصيد البائس ؟
أن الدعوة لآسقاط السماء ورمزيتها من ثقافة الناس هو لغو جديد , وعبث يصب في أطار من يحتضن هذه الدعوات وهو ألانحراف اليهودي المعروف , وحتى أهل الغرب الذين أنغمسوا كثيرا في ثقافة ألارض بعد تخلصهم من تعليمات الكنيسة وجمودها في القرون الوسطى , بدأوا اليوم مراجعة قناعاتهم بعد محاولاتهم في أكتشاف الفضاء , وجهودهم في مجال البحث العلمي في باب ألاستنساخ وعلوم البيولوجيا التي جعلتهم يستدركون فهمهم للروح , وأصبحت الدراسات النفسية تعطي لهذا الفهم حيزا كبيرا من القناعة بوجود الخالق وهو ” الله ” .
ولذلك لم يكن التطلع للسماء عيبا أو نقصا في فهم الناس , مثلما لم يكن النظر للآرض بمعزل عن الفهم التكاملي لحركة الكون وألانسان ” وألارض وضعها للآنام ” والعلاقة بين السماء وألارض هي علاقة حتمية تسمو على كل الحتميات التي قال بها الفلاسفة وبعض أصحاب العقائد , فالماء الذي يتبخر من البحار , أنما يحكمه قانون الدورة الطبيعية للكون بأرادة السماء أي أرادة الله تعالى ” أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون ” .
وألارض أصبحت ترسم وتختزل صورة المادة , والمادة تتعرض للضعف , والغفلة , والمرض , والموت ” كل من عليها فان ” وهذا القانون الرباني يشمل السماء ومافيها , ولكن الفهم المادي المحكوم بالفناء طغى على مفهوم ألارض لآسباب كثيرة يقبلها المنطق والعقل السليم , ولذلك كانت دعوة الدين أن لاينغمس الناس في فتنة المادة من مال وبنين , ونساء , والخيل المسومة , والتي أصبحت لها بدائل عصرية ” مالكم أذا قيل لكم أنفروا أثاقلتم الى ألارض ” والتثاقل الى ألارض هو المذموم , أما ألاستفادة من ألارض بما ينفع الناس ويصلح حالهم ويعرفهم بربهم فهو أمر مطلوب , قال ألامام علي عليه السلام :” الدنيا أمنا , وليس عيب على المرء أن يحب أمه ” , ولذلك لم يشجع التصوف والعزلة عن الناس , ورفضت الرهبنة “ما بعثت بالرهبنة وأن من سنتي النكاح ” كما قال رسول الله “ص” , وأنما دعا الى التقوى ” أتقوا الله حق تقاته ” ” أتقوا الله ما أستطعتم ” ” ولو أن أهل القرى أمنوا وأتقوا لنزلنا عليهم بركات من السماء ” .
أن التطلع الى السماء هو مشروع للعلم والعمل المنفتح على ألانتاج والتقدم , ومن يظنه أنغلاق وتقوقع , فهو المتقوقع والمتخلف عن ركب الكون المتدين ” يسبح للله مافي السماوات ومافي ألارض ” ” كل له قانتون ” أن هم ألا أمم أمثالكم ” ثقافة ألارض محورها ألانسان خليفة الله في ألارض الذي يستقي ثقافته من نبع السماء التي ملئت حرسا شديدا وشهبا بأمر الله وعلى ذلك مضت سنة ألاولين , فبعدا لسلاحف الكفر المتلون بألوان الحرباء التي لم تفلح يوما , فأحذوا زخرف القول الذي منه ماسمي جهلا بالغزو السماوي .
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]