18 ديسمبر، 2024 9:49 م

عندما نكشف عوراتنا

عندما نكشف عوراتنا

رجل يشكوا جاره الذين يمتلك المال والقوة والسطوة، بأنه جار سيء، مدعيا انه يتدخل بشؤون بيته، ويحرض عائلته عليه، ويسعى لاستدراج ابنته وايقاعها في الحرام.
شكواه المستمرة، جعلت الأبناء يفعلون القبائح، وكلما كشف امرهم يلقون في التهمة على جارهم السيء، فيما يذهب الاب يصرخ ويستصرخ الاخرين، بان ما يحدث له واسرته، سببه ذاك الجار، قليل المروءة، والا فهم أسرة متحابة، متدينة تعرف الحلال من الحرام، وغيرها من الصفات الحميدة، كانت المنطقة تتعاطف معه، وكلا حسب محبته وبغضه من ذاك الجار.
في أحد الأيام وكعادته، كان يشتكي من الجيران، قاطعة رجل كبير في السن وقال له مثلنا العراقي يقول ” الي ما يخلي زبيله، محد يعبيلة”
توقف الرجل لبرهه، وقال ماذا تقصد بمثلك هذا؟
اجابه العجوز، انت تفهم بني، اذهب وابحث عن السبب وعالجه” فهو عندك حتما”، ولا تحمل الاخرين اخطاءك.
منذ استلام حزب البعث للسلطة كانت مبررات فشلها الجاهزة دول الجوار.. وكانت تختلق الذرائع من اجل التعبير عن ذلك، مرة الخوف من الفرس، وأخرى الكويت تسرق النفط، وثالثة تدخل إيران او السعودية في الشأن العراقي، محاولين جعل العراق متخلفا عنهم، وعن باقي الدول في المنطقة.
المشكلة ان حكومات ما بعد السقوط، اعتمدت نفس الحجج.. خصوصا أنها وجدت ان هذا العذر فعال ويعطي نتائج جيدة، بل بالغت في استخدام هذا العذر، حتى انتقلت عدوى الشكوى الى الشعب، فراح كل طرف أو فئة أو حتى عشيرة تتهم الأخرى بالخيانة.
السارق يقول انه سرق بسبب دول الجوار، المسؤول الفاسد يصرخ ان سبب فساده دول الجوار، والعاهرة التي تفعل الافاعيل تبرر انحرافها بسبب دول الجوار، الصناعة الوطنية شبة معدومة، والسبب دول الجوار..عجبا!
لنفرض جدلا ان ما يحدث في العراق سببه صراع المصالح، وان لدول الجوار يد فيه، لكن هذا يقودنا الى طرح بعض الأسئلة.. فمن سمح لهم بالتدخل؟ اين القرار الوطني الذي ينظر لمصلحة العراق أولا؟ اين امننا الوطني؟
اين شعبنا المحب لبلده؟ هل دول الجوار، تتدخل وتقتل وتفعل ما تفعل، من دون موافقة البعض؟
اسئلة أخرى كثيرة، لها أول وليس لها أخر لكن جميعها يمكن إختصار اجابتها، بإجابة العجوز لذاك الرجل كثير الشكوى بأن ” الي ما يخلي زبيله، محد يعبيلة”
لنراجع أنفسنا، ونحاول ان نصلح ما فسد من ثيابنا، فمن غير الصحيح ان ننتظر الغريب ليأتي ويخيط ثوب بلدنا الممزق، ففي الغالب هو ينظر الى الثقوب، بحثا عن عوراتنا التي كشفناها بأيدينا.. ليشهر بنا.