منذ القدم قيل ان الانسان حر في اختياره فهو يختار ما يراه مناسبا من مأكل ومشرب ومسكن وحتى عقيدة فلا اكراه في الدين ولا احد يمتلك القدرة على تغيير قناعة شخص ما او ان يفرض عليه فكرة معينة او عقيدة معينة فهو الوحيد القادر على هكذا امور وهذا لا يعني ان الانسان ووفق هذه الحرية يمكن ان تكون جميع خياراته صائبة بل على العكس فهناك نسبة كبيرة جدا من الناس تكون جل اختياراتهم خاطئة ولا تمت للعقل بصلة ومع ذلك يقال ان الانسان سواء كان خياره صائبا اوخاطئا مع بذل الوسع الكافي يكون قد ابرء ذمته مادام قد جد واجتهد في الوصول الى هذه النتيجة وبذلك يقول الشاعر :
على الانسان ان يسعى بمقدار جهده…. وليس عليه ان يكون موفقا
ولكن ان يكون الخيار خاطئا دائما جملة وتفصيلا ومعلوم الخطأ مسبقا فهذا مما لا يرتضيه عاقل ولعلنا في ما يحدث الان في العراق من فوضى مسماة بالمظاهرات خير دليل على كلامنا هذا فعلى الرغم من تردي الخدمات واستشراء الفساد وسريان المحسوبية وانتشار الجهل والتخلف والقتل والتهجير منذ 2003 والى وقت قريب جدا نلاحظ ان الشعب العراقي لا يعنيه الامر ولا يشكل ذلك اهمية في نفسه بل انه في بعض الاحيان هو المشارك الفعال في كل هذه المآسي ومع كل ذلك لم يفكر في يوم من الايام ان يحرك ساكنا اتجاه هذه الامور والى درجة اعطت رسائل واضحة لمن يقف خلف هذه المآسي ان يزيد منها والا تؤخذه في الشعب لومة لائم وهذا قد يكون طبيعيا الى حد ما ولكن الذي ليس بطبيعي هو ان يقدم الشعب في هذه الظروف المظلمة وهذه التحديات المرعبة وهذا التكالب المنقطع النظير على تمزيق البلد ان يقوم الشعب بإفساح المجال للطارئين والمعادين للبلد ان يتخذوا منه مطية يربكون به الوضع العام ومتجلببين بحرية الرأي والخروج بمظاهرات منادية بالإصلاح ، وليت شعري اي صلاح هذا والبلد على حافية الهاوية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفي كل المجالات الم يكن باستطاعة الشعب ان يخرج بمظاهراته هذه قبل سنة او سنتين لا اقل ان الامور الاقتصادية كانت جيدة جدا ثم الم يفكر من ركب الموجة من الناس ماذا سيحل بالبلد عندما يفسح المجال لخفافيش الظلام بالتواجد علنا في سمائنا وتكون هناك ثغرة يدخل منها اعداء الانسانية الى محافظاتنا الامنة فيهتكوا الاعراض ويهلكوا الحرث والنسل وعندها لا ينفع الندم ولا يكون لذي مقال مقالا!!!