كنت قد تعرضت في مقال سابق الى مستقبل الاحزاب السياسية في العراق وتناولت نموذجا منها وهي الاحزاب الاسلامية وتكلمت عن بعض ما يحيط تلك الاحزاب من عدة نواحي واما في هذا المقال فسأتناول نموذجا من الاحزاب الاسلامية في العراق وهو “حزب الدعوة الاسلامية” حيث يعتبر هذا الحزب من اهم واقدم الاحزاب الاسلامية الشيعية في العراق وبذريعة الانتماء لهذا الحزب تعرض شيعة العراق وخصوصا في وسط وجنوب العراق الى حملة ابادة شاملة من قبل الطاغية الملعون على الرغم من ان الكثير ممن اعدموا او هجروا لم يعرفوا شيء عن ذلك الحزب فضلا عن الانتماء له بل لم يسبق لأغلبية الشعب العراقي ان تعرفوا على شخصية يمكن تسميتها بالقيادية في ذلك الحزب الا بعد الاحتلال حيث كان حزب الدعوة من ضمن الاحزاب الاسلامية التي تصدت لإدارة البلد حينها وعندها ظهرت شخصيات على وسائل الاعلام يكتب بعد ذكر اسمها (قيادي في حزب الدعوة) وعندها بدأ ايتام الشيعة ممن اعدم اباؤهم يتساءلون عن الحزب الذي فقدوا ما فقدوا بسببه ثم بدأت القضية تتطور بحيث اصبح عنوان حزب الدعوة يطلق على الكثيرين من الناس بل ان قسما ممن نعتوا بانهم من المنتمين للحزب كانواأميين وغير متدينين ولبعضهم خلفيات انتماءات بعثية واخرى شيوعية وهكذا … وحتى لا اطيل في الموضوع فالذي يتابع سيرة حزب الدعوة بعد الاحتلال والى يومنا هذا يستخلص النقاط الاتية :
1. عدم وضوع الايديولوجية التي يتبانها حزب الدعوة خصوصا ان اسم الحزب (حزب الدعوة الاسلامية) فلم يفهم لحد الان معنا كلمة الاسلامية في الاسم وانا حسب فهمي ان الغموض في هذه الكلمة هو الذي دفع شخصيات الحزب الى الغائها عند ذكر الحزب ولذلك فأن من النادر ان تسمع قيادي من حزب الدعوة يقول (حزب الدعوة الاسلامية) بل يكتفي بقوله حزب الدعوة .
2. عدم معرفة قيادة الحزب او الشخص الذي يتولى ادارة الحزب وهل ان الادارة عن طريق هيئة او لجنة او مشابه ذلك فنحن وبعد 2003 أول ماسمعنا بان السيد الجعفري هو امين حزب الدعوة ثم فجأة تغير وسمعنا بالأمين الجديد هو دولة رئيس الوزراء الاستاذ نوري المالكي ولاندري هل هناك شخصية جديدة في الطريق .
3. هناك الالاف من العوائل الشيعية في وسط وجنوب العراق تم اعدام ابنائها وتم تهديم بيوتها وفعل فيها ما فعل ومع ذلك لم نسمع او نشاهد قيام قيادات الحزب بالسؤال عن هؤلاء ومحاولة تعويضهم عما فقدوا ماديا او معنويا .
4. المعروف وهو المركوز في اذهان الناس ان مؤسس حزب الدعوة هو السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدست نفسه الزكية) وهذا يعني ان الحزب تم تأسيسه ليلبي حاجة كانت يحتاجها المجتمع الشيعي آنذاك وايضا يدل ذلك على ان هناك مفكرين وعلماء ساهموا في تأسيس الحزب ولكننا الان لانرى لذلك من اثر في سياسة الحزب الحالية .
5. كثيرمن الامور التي كان حزب الدعوة ينادي بها ويجعلها من صميم اهدافه والتي منها العدالة والمساواة والحرية ومحاربة المفسدين وغيرها من الاهداف لم نجد لها مصاديق تذكر في السياسة الحالية للحزب .
6. حزب الدعوة تم تأسيسه في خمسينيات القرن الماضي يعني انه قد مضى على تأسيسه العشرات من السنين واعتقد ان هذه مدة كافية جدا بأن تنتج شخصيات كفؤة وكوادر ونخب لامعة تستطيع ان تبين للشعب العراقي ما هو حزب الدعوة وماهي اهدافه الا أننا لم نر او نسمع بان هناك شخصية قامت بعقد لقاءات تلفزيونية او مؤتمرات بحيث افتخر المنتمين لهذا الحزب بها واصبح ذكرها على كل لسان .
7. كان هناك مفهوم راسخ عند الطبقات السياسية وهو ان الاحزاب تعيش في مرحلتين وهما مرحلة التنظير ومرحلة التطبيق ومن النادر ان يكون هناك حزب استطاع ان يكون ناجحا في مرحلة التطبيق وكثيرا ما يؤدي استلام السلطة والمناصب الى تشتيت وتقسيم الحزب الى اقسام متعددة وينشغل قادة الحزب بالدنيا ومافيها ومن فيها فهل حدث هذا مع حزب الدعوة !!.
8. هناك مرحلتين تمر بها الاحزاب وهي مرحلة الثورة ومرحلة الدولة اي الجهاد من اجل القيام بالثورة ومن ثم قيادة الدولة وهذه قد تكون منطبقة عند اغلب الاحزاب وعلى اختلاف ايديولوجياتها الا اننا لانرى ذلك قد حصل مع حزب الدعوة فهو لم يقم بثورة ولحد الان لم يتصدى لقيادة الدولة بعنوان حزب الدعوة الاسلامية .
9. المتعارف عليه في ادبيات الاحزاب ان يكون هناك نوع من التفاهم والتعاون في العمل بين الاحزاب داخل البلد الواحد وتحرص اغلب الاحزاب في العمل على تقوية علاقاتها مع الاحزاب الاخرى ومحاولة العمل من اجل خدمة البلد وهذا ما لانراه مع حزب الدعوة في العراق حيث نلاحظ ان السياسة المتبعة هي سياسة التهميش والاقصاء ونظرية الغالب والمغلوب .
10. اغلب الاحزاب السياسية يكون لديها جناحين جناح مسلح وأخر سياسي حيث يقوم الجناح المسلح بحماية الجناح السياسي ليقوم الاخير بدوره في تحقيق اهداف الحزب خصوصا اذا كانت هناك مرحلة سرية مر بها الحزب الا اننا لم نسمع بان الجهة الفلانية هي الجناح المسلح لحزب الدعوة وان الجهة الفلانية هي الجناح السياسي للحزب .