18 ديسمبر، 2024 6:45 م

عندما كان نفط العرب للعرب

عندما كان نفط العرب للعرب

نفط العرب للعرب.. شعار قديم “منتهية الصلاحية”، أطلقه أول وزير سعودي للبترول في منتصف خمسينيات القرن الماضي.
طريقة التفكير تلك أخذت مديات واسعة في بداية أنطلاقها، فطلب من شركة أرامكوا التوقف عن تصدير النفط إلى بريطانيا وفرنسا، بسبب السياسات المتبعة يومذاك تجاه المنطقة، لكنه فيما بعد أصبح شِعار مُفرغ من محتواه، لا أثر له على أرض الواقع.

أستخدم الشِعار ذاته في حِقبة البعث المظلمة، التي جثمت على صدر العراق، لعقود من الزمن، تركت ورائها تركة ثقيلة للبلاد، متمثلة بالفقر والحرمان والهجرة إلى مختلف بقاع العالم، وحروب دامية لم تُخلِف ورائها سوى الرماد.
كانت الأُسر العراقية تعيش خط الفُقر رغم ما تتمتع
به البلاد من ثروات قل نظيرها في العالم.. طرزت العِبارة بماء الذهب لكنها في الواقع كانت مجرد كلمات لا تغني من فقر.. قابلها بناء القصور الرئاسية والمنتجعات الخاصة به ولحاشيته والمرتزقة، بينما الموظف البسيط في وقتها كان بحال يوجب عليه الصدقة.
شابه هذا الكلام شِعار الديمقراطية الذي وضعه البعثيون كمادة في كتاب الوطنية، الذي دُرسَ في المراحل الدراسية، معتبرينها مصدر قوة وللفرد والمجتمع!.. الذي لم تطبق حروف الديمقراطية ميدانياً في أبان حكم البعث.

نفط العرب للعرب؛ شماعة رفعها المقامرون للتغطية عن تقصيرهم في خدمة شعوبهم، وانصياعهم للأجنبي في المساومة على قضايا الأمة العربية والإسلامية، في سبيل أبقائهم متربعين على عروشهم لأطول فترة ممكنة، في حال كانت أوطانهم تعيش وطأة الفقر.. خيرنا لغيرنا “الأجنبي”
من نعم الله على المنطقة عامة والعراق خاصة، تمتعه بخيرات كثيرة، لا تُعد ولا تُحصى؛ ثروات بشرية منتجة وثروات طبيعية في باطن الارض وظاهرها ولا ننسى سماءه وشاطئه، لكنه أبتلي بطبقة سياسية فاسدة، ليست وليدة اليوم، إنما منذ عقود خلت، لهذا يعيش الحرمان والأهمال، بعد أن أهدرت الثروات و لم توظف وتستثمر في الوجه الصحيح لها، أنما وضعت لتحقيق نزوات قائد الضرورة ولتُجار المناصب بعد أحداث التاسع من نيسان لعام 2003.

نفط العرب وسماءه للأجنبي، تجوب فيه شركات الأستثمار في البر والجو والبحر، من جنوبه إلى شِماله من دون فائدة تذكر، هذا يأخذ حصة وذاك يأخذ حصة ومن جاء به يطالب بسهم العمولة “الرشوة” وما بين هذا وذاك, الوطن ينزف دِماءً وأموالاً طائلة.. المواطن يتلوى جوعاً، يلتحف السماء ويفترش الحصباء، بسبب سوء الإدارة والتخطيط الصحيح للإستثمار والإخلاص للأرض الذي نشأ فيها.

شركات أستثمارية عملاقة بمختلف المجالات، تعمل بمهنية وتفاني في بلاد الغرب والمنطقة وتنمي قدرات تلك البلدان، لأن إرادة تلك الدول متجهة نحو العمران لاوطانها، لكن هذه الشركات بمجرد دخولها الحدود تنحرف عن مسارها، بعد أن يأتيها توجيه من لوبي المقامرين “حيتان المكاتب” يطالبونها بتلكؤ العمل، وعدم أنجازه في الفترة المحددة، لتجديد عقود التمديد لهذه الشركات التي تقدر بملايين الدولارات، لأبقائهم لأطول فترة ممكنة، من أجل الحصول على العمولة “الرشوة”، وهذا ما حصل ويحصل في الكثير من قطاعات الدولة، التي عشعش فيها الفاسدون، يُحارب فيها الموظف المُخلِص، من قِبل الفاسدين، ويُقصى فيها النزيه، جراء أبداء رأيه في تنمية قُدرات بلاده وأستثمارها في الأتجاه الصحيح، لان بأيديهم المال والسلطة يرهبون به الموظف والمواطن على حدٍ سواء، في حال شخص عملية فساد في قطاعٍ ما، وهذا ما يحصل في فضاء البلاد عامةً؛ في بره وشاطئه وسماءه.