6 أبريل، 2024 11:20 م
Search
Close this search box.

عندما طالب المتظاهرون العبادي بالتراجع عن دمج وزارة البيئة بالصحة

Facebook
Twitter
LinkedIn

كنتُ حتى وقتٍ قريب أحسد شعوب العالم على ما تتمتع به من وعي بيئي عندما أشاهد في نشرات الأخبار تظاهرات ضخمة تطالب بحماية البيئة ، باعتبارها قضية العصر التي يتوقف عليها مصيرنا ومصير الأجيال القادمة .

فغالباً ما يستلقي المتظاهرون على الأرض – وخصوصاً في الدول الأوروبية – ليقطعوا الطريق العام بهدف التأثير في الرأي العام وتغيير قرارات السلطة المتعلقة بمحاسبة المؤسسات الملوثة للبيئة كالمصانع ومصافي البترول وشركات الهاتف النقال والمنشآت النووية وغيرها ، ثم تأتي الشرطة لإبعادهم عن الطريق برفق وقد تضطر لحملهم وهم ممددين على الأسفلت رافضين النهوض ، وهؤلاء الذين يرتدون الجينزات البالية ويستلقون على الأرض هم ولافتاتهم المطالِبة بحماية البيئة هم صفوة المجتمع والنخبة المثقفة فيه ، أساتذة جامعات وعلماء وأكاديميون وطلبة وناشطون ، كم كنتُ أتمنى أن أرى مثل هؤلاء في العراق!

وبعد أن رفع متظاهرو ساحة التحرير أصواتهم مطالبين رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي بالتراجع عن قراره غير المدروس بدمج وزارة البيئة بوزارة الصحة شعرتُ بالفخر لأن أهلي العراقيين قلقون على مستقبل بيئتهم التي طالتها يد التلوث جراء الحروب ومخلفاتها والتصحر وجفاف الأنهار وانتشار الأمراض والتشوهات الخلقية وحالات الإجهاض .

متظاهرو ساحة التحرير لم ينشغلوا فقط بالمطالبة بمكافحة الفساد الذي جعل شعباً يعيش في دولة نفطية يتصدر دول العالم في مستويات الفقر المرتفعة ، بل طالبوا أيضا بإنقاذ بيئة العراق من واقعها المزري من خلال جعل وزارة البيئة تكمل ما بدأت به خصوصاً فيما يتعلق بتطهير المناطق المحررة من قبضة تنظيم داعش الأمريكي من المخلفات الحربية ، والتصدي لكابوس الموت والتشوهات الخلقية الذي يفتك بأهلنا في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب .

وما يعزز الأمل في نفوسنا هو خروج موظفي ومنتسبي وزارة البيئة ايضا في تظاهرة يوم الاثنين الماضي أمام مبنى الوزارة ، مطالبين العبادي بالتراجع عن قرار دمجها بوزارة الصحة .

العبادي حتى اللحظة لم يُصدر أي توجيه ولم تبدر منه أية بادرة توحي بالتراجع عن قراره المستعجل ، لكنه في النهاية رجل يعي مدى أهمية وجود وزارة تعنى بشؤون البيئة في بلد ذي بيئة ملوثة تماماً كالعراق ، والأجدر به اليوم اما أن يعيد الأمور الى سابق عهدها ويتيح الفرصة لهذه الوزارة الفتية لتكمل ما بدأت به ، أو يصدر توجيها بجعلها هيئة مستقلة ، بدلاً من دمجها بوزارة الصحة الغارقة في مشاكلها والتي من المؤكد انها لن تجد الوقت الكافي لتفكر مجرد تفكير بالنهوض بالواقع البيئي للبلد .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب