عندما جلست مع احد القوادين في منطقة البتاوين‎

دائما  حنيني يشدني الى مناطق بغداد القديمة  ,هكذا انا اجد المتعة والسرور تدخل روحي عندما اتجول بتلك المناطق والتي تكاد اليوم تعتبر من المناطق المنسية بسبب اهمال امانة بغداد بترميم تلك المناطق التي كانت ذات يوم من اجمل المناطق في العراق , فمنطقة البتاوين كانت تعتبر من المناطق الراقية في الخمسينيات الى حد الثمانينيات من القرن المنصرم .
منطقة البتاوين كانت في الحقبة القديمة يسكنها المسيحيين وايضا قليل من المسلمين وبعض الديانات الصغيرة , البتاوين انجبت الكثير من المبدعين واصحاب ثراء ومطربين , اما اليوم فصارت تلك المنطقة من افسد المناطق في بغداد ولا يسكنها سوى من تبرئ منه اهله او العوائل العاهرة , ولكني رغم كل هذا قررت ان اشرب الشاي باحدى مقاهي البتاوين , وعند دخولي الى المقهى جلست بوسطها وطلبت ” استكان حامض”  والحامض هو نوع شبيه بالشاي ولكنه مضاف له النومي بصرة والسكر , فيكون طعما حامض حلو .. ثم اخرجت سيكارتي المفضلة وبينما انا اسحب نفسا طويلا , حدثني الذي كان جالسا بقربي قائلا : هذه اول مرة اراك في هذه المقهى .. قلت له : صحيح هذه اول مرة اتي الى هنا , وبعد الحديث الطويل معي , شعر بالارتياح لي , ثم صارحني قائلا : عندي اخت جميلة وهي مطلقة ومستعدة ان تريحك مقابل مبلغ من المال ؟! ,وقف شعر رأسي , ودارت المقهى بي , ولم اصدق ما قاله هذا الشاب ,
 قلت له : اهي تعمل في البغاء
قال لي:  اجل
قلت له : وما الداعي من كل هذا
قال لي : لانها تملك خمس اطفال ولا تملك المال لتسديد ايجار بيتها اضافة للمعيشة
قلت له : ولم تجد سوى هذا العمل السيئ
قال لي: حاولت جاهدة للعمل من دون جدوى والاجور قليلة جدا
قلت له : اخي انا لست من اصحاب المتعة مع نساء الدعارة فانا متزوج والحمد لله , وضميري لا يقبل ان اخون زوجتي بعد مرور سبعة عشر من زواجي
فنصحته ان يمنع اخته من هذا العمل الرديئ والذي لا يقبله جميع البشر والديانات السماوية , وتذكرت احد الاصدقاء كان بحاجة الى منظفة في شركته بشرط ان تعمل باخلاص مقابل راتبا جيدا , فقلت له فطرحت له عن هذا العمل لشقيقته بشرط ان تتوب ووعدني بانها ستتوب في حال وجدت له عملا , واخذت رقمه كي اتصل به حين ارى صديقي صاحب الشركة ..
وبعد مرور شهر وعند لقائي بصديقي قلت له هناك امراة متزوجة وهي فقيرة وبحاجة الى عمل لتسد ايجار بيتها وتطعم اطفالها الخمسة , وقال لي نعم وما زلت بحاجة الى منظفة , فاتصلت بهذا الشاب وقلت له : ان صاحب الشركة ما زال بحاجة الى موضفة ,هيا خذ عنوان المكان لحضور شقيقتك للعمل , فقال لي : ” والله انت واحد بطران اختي من ورة الدعارة تحصل بالشهر ثلاث ملايين وتريد تشتغل براتب ستمية الف ” ثم اغلق التلفون بوجهي هذا القواد ؟
قررت حينها ان لا اذهب الى منطقة البتاوين , ولا حتى اشرب فنجان الشاي مرة اخرى