18 ديسمبر، 2024 6:54 م

عندما تمطر السماء دمًا

عندما تمطر السماء دمًا

أصعب لحظات الإنسان عندما يرى في عينيه أبنهُ يطعن أمامه بالسكاكين وهو غير قادر لحمايته، واصعب اللحظات عندما تحس ابنك ذو ال 20 عام يدافع عن مبادئ واهداف والده والتضحية بنفسه لأجل الاستمرار في المسيرة، يضحي بنفسهِ ويقدم صدره درعاً لتستمر فلسفة والده الذي يؤمن بها، لم يكن يوم عادي عند خروجي من البيت لأسير إلى مكان ارتاح بلقاء الأصدقاء، وبغير عادتي كان الوقت يقارب الساعة العاشرة وابني غير عادتهِ ايضاً الالتقاء بي في هذا الوقت الذي كان دائم الحضور بعد الساعة الثانية عشر، كأن في نفسه يحس ان هناك شيء سوف يحدث وكأن القدر جمعنا مع بعض، يخبرني أن هناك من كان يتبعه لحظة خروجه من البيت ارد عليه مبتسماً أكيد لم تنم جيداً وهذه هلوسه الصباح، أسأله هل فعلت شيء؟ يرد ابني يقول لا لم افعل شيء وليس لي اعداء كما علمتني انا رجل سلام وتسامح.

وبين دردشة متبادلة وسؤالي ما هو عشاءنا اليوم؟ لكون مكلف لتجهيز البيت من البقالة، ذهب ابني لجلب قهوة، كنت الاحظ ان هناك حركة غير طبيعية من اشخاص يمرون من امامنا ذات لحى وجوهم وجوه داعش الإرهابية، وفجأة جاء سبعه شباب لباسهم شبه عسكري ويحملون السكاكين حاولوا يضربوني وانا متفاجأ واقول بلهجتي العراقية (شنو هاي) وابني بدأ ينصدم معهم ولولا خبرته بالفنون القتالية لكان حدث لا يحمد عقباه، وإذ يتكاثروا علينا اكثر من عشرين شخص كلما حاولوا طعني كان ابني يتصدى لهم رغم الدماء الذي تسيل من جسمه من طعنات سكاكينهم حتى هروبهم، حملت ابني ودمائه اختلطت بملابسي وجسدي كأن السماء مطرت علينا دماً، كانت الجراح عميقة ومميتة ولكن رحمة السماء وقفت معنا وانقذته من موت محقق، وبعد عملية ثلاث ساعات خرج ابني ونحن لحد لحظة خروجه من غرفة العمليات لا نعرف السبب لماذا حدث هذا؟ بعد السؤال علمنا انهم ينتمون لأحد الاحزاب المتنفذة الذي تبني اهدافها ومبادئها بالقوة؟

دمائك في ملابسي لن يزيلها الغسيل
فلا للظلم ولا تركع جباهنا لأي تهديد
اقلامنا سلاحنا بيضاء كفها تنير
فلما الخوف إذا حقوقكم تعبير
يرعبكم مجرد منشور وبعض صور
ولم ترتعبوا من طعنات سكاكينكم
في شهر صيامكم يا ويلكم.

بعد السؤال والاستفسار عرفنا ان هناك تخطيط لقتلي ويتم دبلجتها على شكل مشاجرة حتى لا تبدو عملية تصفية مخطط لها، لكن ايعقل منشور يهز كيان حزب!! ليرسل جنوده لتصفية شخص يحمل فلسفته الإنسانية ويدين العنف ويدعوا للسلام وينبذ الميليشيات الخارجة عن القانون، لم نكن اصحاب دم بل كُنا اصحاب راية بيضاء وإنسانية لكي تعيش البشرية بسلام، نتجنب إيذاء نملة للنشر السلام والتسامح بين البشر، لا اعرف كيف يستطيعون بناء اهدافهم لقتل اخيهم الإنسان؟ تريد تبني امة وتكسب وتستعطف قلوب الآخرين!؟ أرني إنسانيتك ليتم تطبيق اهدافها على ارض الواقع، الحزب والتجمعات السلمية لا تنتهك حقوق الإنسان وهو حق شرعي من حقوق الإنسان، لكن من ينتهكها طريق العنف الذي تتخذه لأهدافك ومبادئك لتعكس صورة سوداء وتصبح صفر في منحنى الجماهير الذي تعتمد عليهم.

الحرية اغلى من المال والحرية هي الوطن لا تنفع كنوز العالم امام تقييد حريتك وخوفك على عائلتك، نحن لا نخاف على نفسنا فقد نذرنا ارواحنا للإنسانية والدفاع عن حقوق الآخرين وهذا الطريق غير معبد بل ستجد من يرمي الشوك في طريقك لتقييد سيرك نحو الوقوف بجانب الحق، لكن خوفنا على ابنائنا هو الذي سوف يؤخر طريقنا بعض الشيء ، اما المبادئ والأهداف لا تموت سوفَ تبقى رايتها ترفرف في سماء صافية مهما حاول غربان الشر بجعل السماء تمطر دماً.

المال ليس لهُ قيمة امام حرية الشخص، كنت اتوقع سابقاً ان المال اهم شيء لتحقيق اهداف الشخص، لذا تجد هناك من يعتبر المال شيء مهم لتحقيق الرفاهية والسعادة، صحيح ان الجوع يفقد إنسان ولائه حتى من يؤمن به، لكن تيقنت ان الحرية اهم من المال هذا الاحساس جربته وانا مقيد الحرية، الطريق الذي نسير في اتجاهه اكيد ليس معبد بالورود واكيد مفروش بشوك ومن فوقه رماح اعداء الحرية واعداء الكلمة الحره.