23 ديسمبر، 2024 11:26 م

عندما تكون القيم عائق

عندما تكون القيم عائق

يروي لي احد الإخوة انه كان مع أخيه التؤم في صف دراسي واحد، وكان هو مجتهد وخلوق على خلاف شقيقة، ولما كان شقيقة كسول وفاشل ويثير المشاكل مع زملائه، تقوم إدارة المدرسة بتأنيبه، عندها يعود ليتشاجر مع شقيقة بلا ذنب، وكان هذا الأخ يتحمل ذلك على مضض، رغم قدرته على الرد، لكن حرصه على سمعتهم كأسرة، وأيضا لا يرغب بإثارة المشاكل داخل البيت، وهذا يدفع شقيقة للتمادي عليه وبقسوة، وقد نال لهذا السبب تقريع ولوم الكثيرين، لسكوته على تجاوزات شقيقة، وهذا ما جعل الأخلاق الحميدة والقيم السامية تكون بمثابة منقصة. 
    وهذا الحال موجود في الحياة بشكل واسع النطاق، ولو عكسنا ذلك على الأغلبية الشيعية في العراق، المجلس الأعلى الإسلامي العراقي كان ومنذ انطلاق عمل المعارضة للبعث ألصدامي رأس الحربة في هذه المواجهة، وقد التضحيات الكبيرة لأجل تخليص الشعب العراقي من هذا الحكم الظالم، وبعد سقوط الصنم تبنى موقف أم الولد، وأشرك الكثير من القوى التي لا تشكل أي رقم في المعادلة سواء أيام المعارضة أو بعد سقوط الصنم.
      كما حصل مع حزب الدعوة، عندما أصر السيد عبد العزيز الحكيم على منحهم كرسي في مجلس الحكم رغم معارضة المحتل والكثير من القوى السياسية، وبعد انطلاق العملية السياسية وتشكيل أول قائمة للتحالف الشيعي ضحى المجلس الأعلى باستحقاقه ليتساوى مع الدعوة بشقيه، ويشرك أعضاء من التيار الصدري رغم معارضة التيار للعملية السياسية.
       وبعد انتهاء الانتخابات وظهور النتائج بتفوق قائمة الائتلاف الوطني فيها. تنازل المجلس الأعلى عن استحقاقه البديهي في رئاسة الحكومة لحزب الدعوة لغرض الحفاظ على تماسك ممثلي الأغلبية، وكرر ذلك في الدورة اللاحقة رغم إصرار الشركاء وعلى رأسهم التحالف الكردستاني، الذي جمع الأغلبية لانتخاب رئيس الجمهورية ومفاتحة المجلس بذلك، لكن عدم تبني المرجعية لهذا الآمر والحرص على استمرار الائتلاف، جعل المجلس يرفض العرض، وبعد تشكيل الحكومة تم الاتفاق على أن يتولى ممثل المجلس الأعلى منصب الأمين العام لمجلس الوزراء لكن نكث رئيس الوزراء بالاتفاق، ورغم ذلك استمر المجلس بإسناد الحكومة والوقوف إلى جانبها في أحلك الظروف، عندما تخلى عنها حتى الحزب الذي تمثله.
وفي الحكومة الحالية لم يستلم المجلس الأعلى أي منصب بعد استقالة السيد عادل عبد المهدي تنفيذا لرغبة المرجعية، رغم أن آلية تشكيل الحكومة كانت تعطي للمجلس الأعلى أكثر من خمس وزارات، ورغم ذلك وقف المجلس الأعلى وحيدا يدافع عن الحكومة بعد أن اتفقت أطراف اربيل على سحب الثقة منها، وتحرك رئيس المجلس الأعلى ليحل الإشكالات الكثيرة التي كادت تعصف بالحكومة، ومنها عقد اللقاء الوطني في مكتب السيد الحكيم، الذي تم بموجبه المصالحة بين أعضاء الرئاسات الثلاثة.
    كل ذلك والحكومة وبالذات حزب الدعوة  يوجه الاتهامات الباطلة للمجلس الأعلى ويحاول أن يجعل منه ند، رغم ثقته ومعرفته بوضوح وصدق المجلس الأعلى في التعامل مع الجميع ومنها الحكومة، وهذا ما ثبت عمليا، وهذا ناجم عن قصر نظر لدى الآخر الذي يعتقد أن سكوت المجلس عن الرد عليه ناجم عن ضعف أو عجز، ولا يفسر الآمر على حقيقته من أن المجلس الأعلى يمتنع عن الرد حرصا على الانسجام في الشارع العراقي، وبالخصوص شارع الأغلبية، وأيضا الحفاظ على مكتسبات الأغلبية التي حصلت عليها بعد التغيير، ويحاول أن يصور النصح والتحدث عن معانات الشارع العراقي بسبب نقص الخدمات والفساد استهداف للحكومة، وبدل أن يستفيد من هذا النصح وتشخيص المشاكل يلجا إلى تبرير فشله من خلال الإيحاء للمجلس الأعلى، لكن يبقى حرص المجلس الأعلى على الأهداف الكبرى، اكبر من التنازل والرد على تبريرات الفشل التي تعاني منه الحكومة………