9 أبريل، 2024 6:13 م
Search
Close this search box.

عندما تغيب الوطنية عن الكهرباء

Facebook
Twitter
LinkedIn

قبل مدة ليست بالقصيرة أطلقنا صافرات الإنذار لما هو متوقع من تدهور لحالة تجهيز الطاقة الكهربائية في المدن العراقية في مثل هذه الأيام الباردة في الشتاء الذي حل بقسوة غير معهودة ولا مسبوقة، منذ سنوات مضت.
واليوم، في خضم غياب الكهرباء لساعات طويلة عن منازل العراقيين ومعظم المرافق الحياتية للمجتمع، نطلق صافرات تنبيه أخرى تؤشر تفاقم حالة التدهور في خدمة الكهرباء مستقبلاً، بل من المحتمل غيابها كلياً وعلى وجه التحديد في مواسم مقبلة عند زيادة الطلب على الطاقة الكهربائية واستمرار حالة العجز عن توفيرها على نحو مستقر ودائم.
إن تداعيات هذا الفشل يتصل باداء المنظومات الكهربائية المشوهة التي فقدت هويتها الوطنية المستقلة فأصيبت مفاصلها المختلفة بالشلل التام فاصبحت عاجزة عن القراءة السليمة للاتجاه المطلوب الذي تحدده بوصلة النهوض والتطور وهذا ما ينطبق على منظومة الكهرباء العراقية، بعد الاحتلال سنة ٢٠٠٣ عندما شرع المحتل وادواته بتبني العديد من وسائط الترقيع لها، بعيداً عن متطلبات التخطيط الدقيق والمراقبة ومهارة التنفيذ بالرغم من التخصيصات المالية الكبيرة التي تجاوزت المائة مليار دولار لحد الآن فكانت نتائج التخبط واضحة لتؤشر القصور الكبير للمحاولات العقيمة في إنجاز البناء لمنظومة وطنية متكاملة قادرة على تأمين احتياجات المواطن الأساسية في الحياة الكريمة وتوفير عوامل النجاح للمشروعات التنموية كافة.
إن استمرار حالة الضياع للهوية الوطنية لصناعة الكهرباء في العراق المتمثلة في الاعتماد على الإنتاج الجاهز، وإن كان جزئيا، ً بوساطة استيراده من الدول المجاورة أو تأمين الاحتياجات الخاصة بالوقود المطلوب والمتطلبات الأخرى من مواد ومعدات لانتاج الكهرباء من الخارج حتى وان كان جزئيا ً ايضاً سوف يبقي المنظومة الكهربائية رهينة خاضعة لإرادات خارجية ووسيلة مقيتة للابتزاز وستلقي بتبعاتها على كيان الدولة السيادي جراء فقدانها للشروط والمفاهيم الوطنية التي تؤمن عملها باستقلالية تامة، بعيدًا عن التبعية الإقليمية أو الدولية في رفض الانصياع لها وذلك بالاعتماد الكامل على الموارد الوطنية إلى أقصاها وتسخير القدرات المجربة لفيلق كبير من الخبراء والمهندسين والمساندين لهم من الفنيين والعاملين في قطاع الطاقة الكهربائية، عندئذ، سوف تتحقق متطلبات البناء الوطني لمنظومة عراقية خالصة قادرة على توفير كهرباء وطنية خالية من الشوائب الدخيلة، بعد معاناة صعبة وطويلة أرهقت قطاع الكهرباء العراقي شملت جوانبه الفنية والمالية كافة وافقدته عوامل ثقة الجمهور بقدراته والتي تعد من أسس التعاون باتجاه تحقيق الأهداف التي يضطلع بها هذا القطاع المبتلى.
* سحبان فيصل محجوب* مهندس استشاري – المدير الأسبق لهيئة الكهرباء

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب